المواسم الكروية في اليمن الجنوبي بعد الإستقلال (1968 ــ 1980)

 عدن حرة / خاص :

كتب : خالد شفيق أمان

ونحن نحتفل بالذكرى السادسة والاربعين لعيد الاستقلال الوطني المجيد الثلاثين من نوفمبر ، وبهذة المناسبة الغالية التي ستحل علينا بعد ايام قليلة فقد حرصنا على ان نساهم بشيى بسيط مع شعبنا الجنوبي العظيم الذي يستقبل هذة المناسبة بالاحتفالات التي يستعد لها على طريق الإستقلال الثاني واستعادة دولته كاملة السيادة على ترابها الوطني.

وتتضمن مساهمتنا المتواضعة التي نخصصها للمجال الرياضي وتحديداً لعبة كرة القدم التي لها عشاقها وشعبيتها الواسعة في الجنوب ولها تاريخ طويل ناصع واندية عريقة ذاع صيتها ، وقد مثلت فترة السبعينيات والثمانينيات امتداداً له فتركت ذكريات جميلة لاتنسى ، وبصمة في سجل التاريخ .

وهنا في هذا العدد من صحيفة "عدن حرة" نستعرض في موضوعنا هذا الخطوات المتسارعة غير المدروسة التي اتخذت مباشرة بعد الإستقلال ومارافقها من اخفاقات وتعثر وعدم استقرار رافقه كثير من التدخلات والقرارات السياسية في المجال الرياضي ما ادى الى حالة من التذبذب في الاداء والجوانب والتنظيمية والادارية للعبة ، فبرزت بالتالي كثير من الصعوبات والعراقيل والتحديات ، فأظهر اللاعبون وجماهير اللعبة وجميع المحبين لها قدراً وافراً من المسؤلية وساهموا بثبات وصبر ورباطة جأش على تذليل كل ما اعترض جوانب التطوير الملحة ، وسارت الامور رويداُ رويداً بإتجاه التصحيح وتجاوز الهفوات والاخطاء ، وتمكن القائمين على اللعبة بمؤازرة الجميع من الوصول الى مواسم رياضية ترتقي بمستوى الكرة واللاعبين والمنتخبات وتشبع رغبات الجماهير وعشاقها وجماهيرها الذين كانوا يتلهفون للعودة الى مدرجات الملاعب ومشاهدة نجوم اللعبة والاستمتاع بعروضهم الكروية المتميزة ، وكان عليهم البدء بالتفكير في اعادة ممارسة اللعبة ونشاطها من جديد ، بحيث يترافق ذلك مع تطوير الجوانب التنظيمية والادارية والفنية والقانونية ، فكان اول عمل قام به وزير العمل والشئون الاجتماعية " عبدالملك اسماعيل" الذي اوكلت لوزارته تحمل مهام الجانب الرياضي ، ان قام بعقد لقاء موسع بجميع القيادات الرياضية وذلك في 18 يناير 1968 وفيه تم تشكيل اول اتحاد لكرة القدم على انقاض الجمعية الرياضية العدنية برئاسة احمد محمد قعطبي .

بدأ الإتحاد كما يبدو بالتحضير للبدء بأول دوري لكرة القدم ، وكان بحسب المراقبين مستعجلاً بعض الشيئ ، فسعى لتقليص عدد الاندية الرياضية التي كانت موجودة في عدن قبل الاستقلال ، الامر الذي خلق له بعض المتاعب والاشكاليات ، لكنه اصر الاعلان عن بدء اول دوري يضم 12 نادياً فقط وهي ( شباب التواهي ــ الحسيني ــ الاحرار ــ الشباب الرياضي ــ التضامن ــ شباب الجزيرة ــ الشعب ــ الانتصار ــ الواي ــ الهلال ــ الفيحاء ــ شباب البريقة ) وذلك بعد المرحلة الأولى من عملية تقليص ودمج اندية فيما بينها .

أول دوري لكرة القدم بعد الاستقلال :

لكن عناد اتحاد كرة القدم واللجنة الخاصة بالدوري وعدم اهتمامها لكثير من الاندية الكبيرة التي اعلنت رفضها المشاركة في الدوري ، احتجاجاً على عملية التقليص والدمج القسري للأندية الرياضية آنذاك مثل نادي الاتحاد المحمدي وغيره من الاندية ، وقد تسبب ذلك الى توقف الدوري في 17 يونيو 1968 اي بعد اقل من ثلاثة اشهر على انطلاقته ، خلالها عصفت بالاتحاد واللجنة الخاصة مشكلات ادت الى وضعه في مواقف لايحسد عليها ، وبسبب ذلك ايضاً لم تتمكن الاتحادات المتعاقبة من اقامة اي دوري خلال العامين 69 ــ 70م ، وذلك لإجراء كثير من الاعمال التنظيمية والتقيمية لعملية التقليص والدمج التي كانت في حقيقة الامر تحتاج الى وضع دراسة متأنية تساعد على إتمامها بصورة جيدة ترضي جميع الاندية الرياضية التي استمرت لسنوات طويلة تخوض مباريات تنافسية قوية وصلت حداً يصعب معه الدمج مع الخصوم في يوم وليلة .

كانت الجماهير الغفيرة وعشاق اللعبة يترقبون ويتابعون بشغف وبقلق ايضاً مايدور في اروقة اتحاد كرة القدم ، ويمنون النفس بإستئناف المسابقات الرياضية الكروية والعودة الى الملاعب ، وكان حديث الناس في الشارع الجنوبي آنذاك ينصب على عملية التقليص والدمج للأندية التي من شأنها ان تبهت بريقها وتحد من حالة الحماس لدى اللاعبين والجماهير وتقلل من حدة التنافس الندي بين الأندية ، لذلك فقد ادركت قيادة اتحاد كرة القدم هذا الامر وقامت بتنظيم بطولتين خاصتين لتُشبع رغبات الجماهير ولتجد لنفسها مساحة من الوقت تتمكن من خلاله استكمال عملية التقليص والدمج الذي بات واضحاً انها جاءت بقرار سياسي لارجعة عنه وعلى الجميع ان ينفذوا .

كأس ثورة 14 اكتوبر :

= اضطر المسؤلين في اتحاد كرة القدم الى تحريك المياه الراكدة ومحاولة تغطية فشلها في إقامة اول دوري بعد الاستقلال ، فقامت بتنظيم مسابقة اطلق عليها كأس ثورة 14 اكتوبر بطريقة خروج المغلوب وبمشاركة جميع اندية عدن بإستثناء نادي شباب الجزيرة الذي كان يمر بمشاكل داخلية منعته من المشاركة ، استمرت بطولة الكأس لمدة ثلاثة اشهر ( من سبتمبر ــ حتى نوفمبر 1969م ) ، وكانت من نصيب نادي الشباب الرياضي الذي اكتسح نادي شباب البريقة بالمباراة النهائية برباعية نظيفة وتألق في هذة المباراة اللاعب "ابراهيم عبدالله الصعيدي" بتسجيلة ثلاثة اهداف فيما سجل "نصر الصياد" الهدف الرابع .

الموسم الكروي ( 70 ــ 1971م ) :

= تعاقبت اتحادات كرة القدم في فترة قصيرة قياسية وساد في هذا الجانب قدر وافر من عدم الاستقرار ، ونشبت خلافات كثيرة وتدخلات من قبل وزير العمل والشئون الاجتماعية وعارضت كثير من الاندية قرار حل اتحاد كرة القدم الذي كان يرأسه نصر عبدالرحمن الشاذلي ، وهددت معظمها بالامتناع على اللعب في الملعب البلدي والتوقف عن المشاركة في اي دوري ، واُتخذت معالجات لإنهاء هذة الخلافات وحل الازمة القائمة وذلك بتشكيل اتحاد كرة قدم جديد في 29 ديسمبر 1970م برئاسة عبدالله بن سلمان وكمال حيدر "نائباً" ومحمد احمد مقبل "امين عام مؤقت" ومحمد عبدالله فارع "امين عام مساعد" و عبدالله مدي "امين للمال" وياسين محمد بن محمد "امين مال مساعد" وحسين الصافي "ممثل لأندية كريتر" وحسين عبدالله عبده "ممثل لأندية المعلا والتواهي" وعلي احمد عبدالباري "ممثل لأندية الشيخ عثمان والبريقة" ، وبمجرد تشكيله اعلن عن اقامة الدوري العام للموسم الذي اطلق عليه دوري "ناصر" ( وقد سبق لنا ان نشرنا في عدن حرة موضوعاً عن هذا الدوري اوضحنا فيه بشكل تفصيلي عن كل مجرياته وبإمكان قراءنا الكرام الرجوع اليه ) .

= وللتذكير فقد بدأ الدوري العام لهذا الموسم في 12 فبراير 1971م وانطلق بقوة بمشاركة 12 نادي من عدن فقط وهم ( الشباب الرياضي ــ الهلال ــ الواي ــ شباب البريقة ــ الحسيني ــ شباب الجزيرة ــ الشعب ــ التضامن المحمدي ــ الاحرار ــ الفيحاء ــ شباب التواهي ــ الانتصار لشباب الروضة ) ، وبطريقة الذهاب فقط ، وقد توج "الشباب الرياضي" بطلاً لدوري ناصر ، ويلاحظ من خلال فرز الأندية المشاركة ان عمليات التقليص والدمج القسري الثانية لم تتم بعد ، فلازال الحسيني والشباب الرياضي ولازال الهلال والواي والتضامن المحمدي والاحرار وغيرهم ، بإعتبار ان عملية التقليص والدمج تمت على ثلاث مراحل خلال الفترة من 68 حتى 1975م . ( ايضاً بإمكان القراء الاعزاء العودة الى موضوع نشرناه قبل فترة في عدن حرة خاص بعملية الدمج والتقليص القسري يوضح بشكل تفصيلي ودقيق لكيفية اتمام هذة العملية ومارافقها من اخفاقات مدعماً بجداول توضيحية للفرق التي تم دمجها مع بعضها البعض ) .

= وفي مطلع هذا الموسم نظم اتحاد الكرة مسابقة كأس الثورة الفلسطينية وهي مسابقة قصيرة استمرت لمدة 15 يوماً فقط بطريقة خروج المغلوب لإحدى عشر نادياً من عدن ، بدأت اولى مبارياتها في 9 مايو 1970م وانتهت في 24 مايو ، بمباراة جمعت فريقي شباب التواهي والواي في مباراة قوية وندية حضرها عدد من المسؤلين في الدولة وجماهير غفيرة ، انتهت بفوز فريق شباب التواهي بنتيجة 1 / صفر وتتويجه بطلاً للكأس .

دوري الاستاد العام :

= اُرجئ الدوري العام للموسم الكروي 71 ــ 72م بعد ان تفاعل معظم الرياضيين في الأندية مع القرار الوزاري الخاص الذي بموجبه تم تشكيل لجنة لتشييد استاد رياضي دولي يلبي طموحات وتطلعات كل الرياضيين ويسهم في تطوير اللعبة واللاعبين ويرتقي بها ، وقدمت مقترحات من قبلهم لإقامة مسابقة خاصة يذهب ريعها لصالح تمويل تشييد الاستاد الرياضي ، وعلى هذا الاساس فقد اقيم دوري الاستاد العام بمشاركة كل اندية عدن وعددها 12 نادي بطريقة الدوري (ذهاب) ، وبدأ في 20 يناير 1972 واستمر حتى 29 سبتمبر من نفس العام ، وتوج بطلاً لهذا الدوري فريق شباب التواهي بعد تغلبه على فريق الشباب الرياضي في مباراة استعراضية انتهت بنتيجة 2 / 1 ، سجل اهداف التواهي كلا من خميس و عادل جاوي ، فيما سجل هدف الرياضي ابراهيم صعيدي .

وبذلك يكون الرياضيون قد ساهموا وبدلوا جهوداً لتحقيق حلمهم في بناء الاستاد ، لكنه بقي مجرد حلم فقط ، وهنا لابد لنا ان نضع شهادة تقديرية على صدور اللاعبين من مختلف الاندية في عدن الذين لم يثنيهم ذلك من ان يواصلوا ابداعاتهم ومشوارهم الرياضي في تلك الملاعب الترابية التي ظلت كذلك وحرموا لسنوات طويلة من مشوارهم الرياضي في اللعب على الملاعب المعشبة الا عند مشاركة البعض منهم في المحافل الخارجية ضمن المنتخبات الوطنية .

موسم ( 73 ــ 1974م ) :

كأس الشهيد الحبيشي

= في هذا الموسم لم يقام الدوري العام للأندية ، واقيم عوضاً عنه كأس الشهيد محمد علي الحبيشي ، وبدأت اولى مبارياته في 4 فبراير 1973 ، واستمر حتى 6 ابريل من نفس العام ، وشارك فيه 12 فريقاً من أندية عدن ، وتمت هذة المسابقة بطريقة خروج المغلوب لمرتين ، ووضعت لائحة مصغرة من قبل اللجنة الخاصة المسابقة التي كانت برئاسة جعفر عبدالقادر ، وقد احرز بطولة كأس الشهيد الحبيشي فريق الشبيبة المتحدة "الواي" الذي خاض مباراته النهائية امام فريق الأحرار وتغلب عليه بنتيجة 2 / 1 وحضرها جمهور غفير من المشجعين .

= كما اقيمت مسابقة اخرى ايضاً اطلق عليها كأس المهرجان العالمي العاشر للشبيبة والطلاب وهو عبارة بطولة خاصة بدأت مبارياتها في 15 ابريل 1973م واشتملت على 11 مباراة فقط لأندية عدن ، وانتهت هذة المسابقة التي احرزها نادي شباب الجزيرة بعد تغلبه على شباب البريقة بنتيجة 4 اهداف نظيفة .

المؤتمر الرياضي العام الأول وبداية الموسم الكروي ( 74 ــ 1975م ) :

= مثل المؤتمر الرياضي العام الأول الذي انعقد خلال الفترة 14 ــ 16 يوليو 1973 نقلة نوعية في مسار الحركة الرياضية في الجنوب ، وساهم في وضع اللبنات الأولى لها ، فتم على ضوءه تشكيل المجلس الاعلى للرياضة ،وعقدت عدة لقاءات مع الاندية الرياضية للتداول حول المرحلة الثانية من عملية الدمج التي تمت بعد ذلك ليصبح عدد الاندية في عدن سبعة أندية هي ( الاحرار ــ الاهلي ــ الجزيرة ــ الشعب ــ الواي ــ الهلال ــ البريقة ) ، وبدأ الدوري بمشاركة اندية لحج وهي ( تبن ــ الطليعة ــ الحسيني ) واندية ابين ( شباب خنفر ــ الاهلي ) وذلك في اكتوبر 1974م ، الا انه نتيجة للتدخلات السياسية التي اثرت سلباً على استقرار المواسم الرياضية وبالتالي الإرتقاء بمستوى كرة القدم وبقية الالعاب الرياضية ، فقد توقف الدوري بصورة مفاجئة في 27 فبراير 1975م دون وضع اي اعتبار للقيادات الرياضية في الاندية وعدم مراعاة نفسيات اللاعبين او احترام للجماهير العريضة وذلك لأسباب غير منطقية تمثلت بقرار اتخده اتحاد كرة القدم بإقامة مسابقتين عارضتين هما كأس المؤتمر العام السادس للتنظيم السياسي الجبهة القومية وترس العام العالمي للمرأة ، حيث كانت مسابقة كأس المؤتمر بطريقة خروج المغلوب لمرة واحدة واستمر لمدة شهر واحد فقط ، وتوج بطلاً له فريق الهلال بفوزه على شباب البريقة في المباراة النهائية التي جمعتهما وانتهت بنتيجة 2 / صفر ، فيما اقيم ترس المرأة بمناسبة يوم المرأة العالمي بطريقة الدوري وبمشاركة اندية عدن قبل عملية الدمج الاخيرة وعددها سبعة اندية واستمرت لمدة شهرين ( من 3 ابريل ــ الى 6 يونيو 1975م ) ، وقد اقيمت المباراة النهائية بين فريقي الاحرار والاهلي في ملعب الحبيشي حضرها الرئيس سالم ربيع علي ، وقد انتهت بفوز الاهلي على الاحرار بنتيجة 3 / 2 وتوج بذلك الاهلي بطلا لترس المرأة ، وكانت هذة المباراة رائعة بكل المقاييس بأجواء حماسية وحضرها عدد كبير من المشجعين الذين غصت بهم المدرجات ، وفيها اقيمت مراسم اعتزال الكابتن "عزام خليفة" وتوديعه للملاعب .

= ومن الاهمية بمكان الاشارة الى ان هذا الموسم تم فيه اعادة افتتاح ملعب الشهيد الحبيشي الذي اُغلق في سبتمبر 1973 بغرض توسعة مدرجاته واستمر العمل فيه مايقرب من ثمانية اشهر ليتم بعد ذلك اعادة افتتاحه في 2 مايو 1974م ليستوعب اكبر عدد ممكن من الجماهير .

= وفي نفس الموسم تم اقامة دوري المجمع الرياضي الذي انطلق في 23 اكتوبر 1975م ، وهنا نلاحظ عزيزي القارئ ان اقامة هذة الدوريات والمسابقات كان يتم بصورة مزاجية وبإجتهادات ووفقاً لرغبات البعض من المحسوبين على الرياضة ، ولم يكن ذلك إلا مناورات منهم لتمرير قراراتهم السياسية التي اشرنا اليها سابقاً والمتصلة بعملية الدمج القسري للأندية العدنية العريقة التي صمد البعض من قياداتها في وجه تلك الهجمة الشرسة الهادفة الى طمسها والغائها من خارطة الحركة الرياضية المشهود لها بالريادة في المنطقة العربية ، فكان لهم مايريدون عندما تمت المرحلة الاخيرة من عملية الدمج بقرار من اللجنة التنفيذية للمجلس الاعلى للرياضة التي كان يرأسها محمد سعيد عبدالله ( محسن ) وزير أمن الدولة حينذاك ، قضى بدمج اربعة اندية عدنية عريقة في ناديين ، حيث تم دمج الأهلي مع الاحرار واطلق عليه نادي ( التلال ) ، تم الهلال مع الشبيبة المتحدة "الواي" واطلق عليه نادي ( الوحدة ) ، وتغيير اسم نادي الجزيرة الى ( شمسان ) ، واسم نادي الشعب الى ( الميناء ) ، ونادي شباب البريقة الى ( الشعلة ) ، أندية جديدة هي التلال ، الوحدة ، شمسان ، الميناء ، الشعلة ، اطلق عليها آنذاك اندية المدن بينما هي في حقيقة الامر اسماء للنشرات السرية للجبهة القومية ، وقد اشرنا الى ذلك في موضوعنا السابق عن عملية التقليص والدمج للأندية العدنية العريقة .

التلال والجيش

خمسة اندية من عدن شاركت في هذا الدوري الى جانب منتخبي لحج وابين ، دوري لم يرتقي الى المستوى المطلوب ، وهنا ظهرت النتائج السلبية لعملية الدمج القسري للأندية ، سبع فرق فقط علماً بأن فريق الشعلة انسحب من ارضية الملعب في مباراته مع التلال ولم يستكمل مباريات الدوري الذي توج فيه فريق الوحدة بطلاً وشمسان وصيفاً والتلال في المركز الثالث ، لكن هذة السبع الفرق ضمت نجوم كبار عرفتهم الملاعب وعشقتهم الجماهير ولازالت تتذكرهم حتى يومنا هذا بعروضهم الفنية الجميلة ومهاراتهم الكروية الرائعة وحبهم وعشقهم للعبة رغم ضياع انديتهم العريقة بأسمائها المعروفة ، لكنهم لازالوا يقدمون العروض لإمتاع الجماهير التي يبادلونها كل الحب والتقدير .

موسم ( 76 ــ 1977م ) :

= بدأ هذا الموسم بصورة جيدة ومنظمة وفيه اُستأنف الدوري العام الذي كان بدأ في العام 70م وتعثر كما اسلفنا في السنوات التي تلته ، حيث تم تشكيل لجان عاملة قبل انطلاقته ومنها لجنة المسابقات التي كانت برئاسة الفقيد محمد عبد زيد والفقيد عثمان علي احمد "سكرتير" والفقيد سعيد عبدالرحمن و احمد محمد قعطبي وجعفر عبدالقادر "اعضاء" ، وحرصت اللجنة على اعداد لائحة خاصة للدوري العام لتسييره بصورة صحيحة .

انطلق الدوري في 4 نوفمبر 1976م الذي امتد حتى 1 يوليو 1977م بمشاركة اندية عدن الخمسة ( التلال ــ الوحدة ــ الميناء ــ شمسان ــ الشعلة ) وهنا يتضح ان المرحلة الثالثة من عملية الدمج قد تمت ولم يتبقى في عدن سوى 5 اندية فقط بالاضافة الى فريق الجيش وفريق الشرطة اللذان تم تشكيلهما مؤخراً وكانت هذة هي اول مشاركة لهما في الدوري بعد ان تم انتقال عدد من اللاعبين من الاندية الاهلية الى صفوفهما وهم لاعبين بارزين واغلبهم كانوا في المنتخبات الوطنية ، كما شاركت لحج بفريقيين من انديتها هما ( الشرارة ــ الطليعة ) وابين شاركت بفريق نادي ( حسان ) ، وقد اقيمت مباريات الدوري في ثلاثة ملاعب بحسب اللائحة هي ( ملعب الشهيد الحبيشي بعدن ــ ملعب تبن بلحج ــ ملعب الشهيد عبدالله بن سلمان بأبين ) ،

ونود ان نشير انه قبل انطلاقة هذا الدوري بدأت مسابقة دوري المحافظات التي وصلت لأول مرة الى محافظة حضرموت وذلك في مارس 1976م على ملعب الشهيد الحبيشي بعدن ، ولاقت ارتياحاً كبيراً من الجماهير التي اقبلت على المباريات لتملأ مدرجات الملعب .

وبالعودة الى الدوري العام لهذا الموسم الذي سارت مبارياته سيراً حسناً نتيجة للجوانب التنظيمية التي ساعدت الى حداً كبيراً في ضبط مساره بالاضافة الى تطور التحكيم وتحلي اللاعبين بالروح الرياضية وبمستوى من الوعي ، كما لاننسى دور الجماهير التي وصلت الى مرحلة النضج الرياضي وكانت تهتف داخل الملعب لكل الالعاب الجميلة والمهارات الفردية لكلا الفريقين المتباريين .

دوري بحق كان رائعاً وله ذكريات جميلة ، وفيه توج فريق الجيش بطلاً للدوري بثلاثون نقطة ، فيما حل فريق الشرطة في المركز الثاني (26 نقطة) ، والوحدة ثالثاً ( 25 نقطة) ، ونال لاعب فريق الشرارة "صالح حيدره" لقب هداف الدوري بـ (15) هدف .

= وبعد النجاح الذي حققه الدوري العام في الوسط الرياضي قامت لجنة المسابقات بالتفكير في اقامة كأس الجمهورية الأول ومعرض المعارض ووضعت لائحة خاصة له ، وجاءت بطولة الكأس التي اقيمت في 3 نوفمبر 1977م متزامنة مع التحضيرات للإحتفالات بالذكرى العاشرة للإستقلال ، وتمت بطريقة خروج المغلوب من مرة واحدة بمشاركة العشرة الاندية المشاركة في الدوري بالاضافة الى فريق "الصمود" من لحج وفريق "خنفر" من ابين ، وانتهت البطولة في 1 يناير 1978م بمباراة نهائية جمعت فريقي التلال والشرطة حُسمت للتلال بنتيجة 2 / 1 ، سجلهما فرج باعامر وابوبكر الماس ، ليتوج التلال بطلاً لأول كأس للجمهورية .

سعيد دعالة

= لم يتقيد بعد اتحاد كرة القدم ولجنة مسابقاته بضوابط ومواعيد محددة لبدء الدوري العام ، ويبدو ان لتلك الفترة ظروفها التي كانت لاتجعل من الاستقرار امراً وارد ، وهذا كان يجعل القائمين على الرياضة بدل جهود كبيرة لمواكبة مضامين القرارات التي تكون عادة من أطر سياسية ، لكن في تلك الفترة لم تكن الجماهير ولم يكن اللاعبون ومحبو اللعبة يلمسون ذلك لأن فرحتهم بالنجاحات التي اعادت الكرة الى وضعها المأمول وشغفهم اللا محدود بمشاهدة المباريات كان يجعل من اتحاد الكرة يبدل كل ما يستطيع لإشباع هذة الرغبات ، فجاء هذا الموسم الذي بدأ فيه الدوري العام متأخراً بعض الشيئ على غرار المواسم السابقة ، حيث انطلق في 12 يناير 1978م ، ويبدو واضحاً انه كان بسبب بطولة كأس الجمهورية الأول ومعرض المعارض ، وفي هذا الموسم ايضاً لم يتمكن اتحاد الكرة الخروج من دائرة الدور الواحد للدوري العام ( ذهاب فقط ) ، في الوقت الذي كان فيه الوسط الرياضي يطالب ان يكون الدوري العام من دورين ( ذهاب واياب ) ، وفي هذا الدوري توسعت قاعدة المشاركة وبلغ عدد الاندية المشاركة 14 نادياً ، حيث تم اضافة اندية الصمود من لحج (الضالع) وخنفر والمخزن و22 يونيو من ابين بالاضافة الى العشرة الاندية للموسم السابق ، احرز بطولة الدوري الذي انتهى في 25 يونيو 1978م فريق الجيش وجاء فريق الشرطة ثانياً فيما حل التلال في المركز الثالث .

يلاحظ ان اندية حضرموت لم تشارك بعد الدوريات التي تقام في عدن ، الا انها اعتباراً من هذا الموسم فقد نظمت دوري مستقل لأندية الساحل فقط ولم يشمل اندية الوادي ، وكانت الفرق المشاركة فيه بحسب جدول الترتيب هي ( التضامن الحضرمي ــ سمعون ــ اهلي الغيل ــ الشعب ــ المكلا ــ الشبيبة ) .

= في بطولة كأس الجمهورية الثانية اُستبعد كل من فريقي المخزن و 22 يونيو وهما من اندية ابين ، هذة البطولة لم تقام في عدن بل في محافظة أبين وذلك بقرار سياسي بعد اغتيال الرئيس سالم ربيع علي ، بهدف تهدئة الاوضاع في المحافظة والحد من اثارة البلبلة وانشغال الجماهير بالبطولة ، وسارت الامور بشكل طبيعي وتنافست الفرق المشاركة على نفس المنوال للبطولة الأولى ، وجمعت المباراة النهائية فريقي التلال والجيش ، وكانت مباراة قوية ندية حضرها جمع غفير من المشجعين ، ولم تحسم في وقتها الاصلي الذي انتهى بالتعادل 1 / 1 سجل هدف التلال عدنان السبوع وهدف الجيش مكي حسن ، كما انتهى الوقت الاضافي بذات النتيجة ، ليحتكم الفريقين لضربات الجزاء الترجيحية ، فنال الجيش من التلال بأربعة اهداف مقابل هدفين ، سجل للجيش كلا من ( محمد الحبشي ــ مكي حسن ــ مرشد حسين ــ طارق ربان ) فيما سجل للتلال ( خالد قاسم ــ سامي نعاش ) .

موسم ( 78 ــ 1979م ) :

= تميز هذا الموسم بإقامة الدوري العام بطريقة الذهاب والإياب ، حيث بدأت اولى مبارياته في 9 نوفمبر 1978م وبمشاركة 12 نادياً فقط بعد استبعاد فريقي 22 يونيو والمخزن ، وقد تمكن نادي التلال الرياضي من كسر شوكة الجيش والشرطة اللذان احتكرا بطولة الدوري العام خلال الموسمين السابقين ، وتمكن من انتزاعه منهما بفارق نقطتين عن الجيش وست نقاط عن الشرطة ، واحرز لقب هداف الدوري "علي نشطان" بـ ( 14 ) هدفاً ، وهنا لابد لنا اعطاء بعض اللاعبين حقهم وهم الذين برزوا وقدموا اداءاً رائعاً في هذا الدوري من جميع الفرق المشاركة وهم : التلال ( الماس ــ عدنان سبوع ــ عصام زيد ) ، الجيش ( عبدالله هرر ــ عبدالله باعامر ــ نبيل سعدان ) ، الشرطة ( علي نشطان ــ طارق السيد ــ شمشوم ) ، شمسان ( جميل سيف ــ ناصر عقربي ــ عزيز السيد) ، الوحدة ( احمد مهدي الاحمدي ــ عزيز سالم ــ حسين عمر ــ منير مدهش ــ احمد سعيد عبده ) ، حسان ( احمد مهدي ــ سعيد حيدره ــ احمد الراعي ) ، الميناء ( عوضين ــ وليد اسماعيل ــ ناصر هادي ــ جمال حبيشي ) ، الشعلة ( الاخوين حسين وحسن صالح ــ جميل الفقيه ) ، الطليعة ( سالم كمبل ــ عبدالله قريشي ) ، الشرارة ( حسن جابر ) ، خنفر ( عبدالله صالح علوي ــ فضل سبعة ) ، الصمود ( احمد علي الوزير) .

= بدأ قدر وافر من الاستقرار يسود اتحاد كرة القدم ، حيث كان هذا الموسم الثالث للجنة المسابقات التي يرأسها محمد عبده زيد ، فيما عين سكرتيراً للجنة محمد احمد مقبل ، وسعيد عبدالرحمن وجعفر عبدالقادر والزوقري (اعضاء) ، واجريت بعض التعديلات على لائحة المسابقة ، فأعتمدت اللجنة بطولة الكأس بطريقة خروج المغلوب من مرتين ، وساعد ذلك على اعطاء فرصة اكبر للفرق المشاركة للتعويض ولزيادة عدد المباريات واشباع رغبات الجماهير وعشاق اللعبة ، وقد شاركت جميع فرق الدوري العام في هذة البطولة التي دشنت اولى مبارياتها في 29 اغسطس 1979م ، ولو كانت المساحة تتسع لكان الاجدر بنا ان نضع قراءنا الكرام يستمتعوا بوصف دقيق للعروض الكروية الرائعة التي كان يقدمها نجوم اللعبة بل خيرة نجوم اللعبة الذين عرفتهم ملاعب كرة القدم في الجنوب في هذة الفترة التي برز فيها مستوى اللعبة بشكل غير مسبوق ، وقد موضوعنا السابق عن المنتخبات الوطنية دليلاً على ان قوة تلك المنتخبات كان يرجع ويعود في الاساس الى هذة المواسم الكروية المحلية القوية التي تختزنها ذاكرة من عاش ايامها الجميلة وتابع مهارات لاعبيها الكبار ، لكن للأسف الشديد المجال لايتسع لذلك ونعد قراءنا الكرام بأنه سيكون لنا مواضيع اخرى تشفي الغليل وتعيد ذكريات الزمن الجميل ، لقد كانت مباراة التلال والجيش قوية انتظرها الجمهور بفارغ الصبر منذ فترة مبكرة على انطلاقتها ، فغصت المدرجات بالمشجعين وارتفعت الصيحات والهتافات والتصفيق والتصفير وهزت اصوات الطبول المدرجات اثناء سير المباراة التي فاز فيها الجيش بهدف ثمين لمرشد حسين تمكن من خلاله اقصاء التلال من البطولة ، لكن الشرطة كان يتربص بالجيش الدوائر ، فلاقاه في المباراة النهائية وهي بالمناسبة نهائية بالنسبة للجيش اما بالنسبة للشرطة فعلى الجيش ان يهزمه مرتين ، فلعب الشرطة بأريحيه وقدم عروض فنية ومهارات ميزت لاعبيه في ادائهم فسجلوا هدفين في مرمى الجيش مقابل هدف وحملوا الكأس وطافوا الملعب وسط فرحة لاعبي ومحبي فريق الشرطة ، اهدى علي نشطان وحسين عبيد الكأس من خلال هدفين سجلوهما فيما تمكن "جعبل" من هز شباك الشرطة بهدف قلص فيه الفارق فقط .

فريق التلال لكرة القدم

= لازالت اوضاع اتحاد الكرة تتأرجح بعد ان تستقر موسماً او موسمين ، ففي هذا الموسم صدم الوسط الرياضي ببدء الدوري العام بطريقة الدور الواحد فقط (ذهاب) ، رغم ان الاندية الرياضية كانت في اوضاع جيدة تسمح لها بخوض المباريات والمنافسات القوية وكانت نفسيات اللاعبين مرتفعة بعد النتائج المشرفة والمتميزة التي حققتها المنتخبات الوطنية على المستوى الخارجي بالاضافة الى توسع القاعدة الشعبية للعبة ، واضطلاع الاعلام الرياضي بمهامه على اكمل وجه في تغطياته الاعلامية التي الهبت حماس الجماهير ورفعت من معنويات اللاعبين .

لكن المزاجية والتدخلات والقرارات السياسية وحشر الأنوف لبعض اولئك اللذين لايمتون بصلة للرياضة في تلك الفترة الزمنية كانت هي صاحبة الكلمة الفصل التي لاتعطي مجالاً للنقاش بل للتنفيذ ، وكان التنفيذ ان بدأ الدوري باهتاً ، فشارك فيه 12 نادياً ولم تسر اموره سيراً حسناً ، فقد انسحبت ثلاثة اندية بعد مرور بعض الوقت من انطلاقته ، فالميناء انسحب وهو في المركز الثالث وكان قادراً على خوض التنافس ، ثم الطليعة تم الشرارة ، لتجد اللجنة نفسها لتوزيع النقاط على بقية الفرق ، ولكن مايميز هذا الدوري عن سابقاته من الدوريات ان احرز فريق نادي التلال بطولته دون خسارة او تعادل وذلك بعد ان تم شطب نتائج فريق الميناء المنسحب وهو الفريق الوحيد الذي هزم التلال في هذا الدوري ، وقد احرز اللاعب علي نشطان لقب هداف الدوري للمرة الثانية على التوالي .

المشجع المشهور عادل فهمي

= في هذا الموسم لم تقام بطولة كأس الجمهورية في نسختها الرابعة ، ذلك لأن كانت هناك اتفاقات بين قيادتي جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية والجمهورية العربية اليمنية على اقامة كأس اليمن في خطوة الهدف منها مزيد من التنسيق على طريق الوحدة ، فتم تشكيل لجنة فنية برئاسة محمد عبدالولي وحميد الشيباني "سكرتيرا" ، وقد انطلقت البطولة في 27 سبتمبر 1980م بمشاركة كلا من ( التلال ــ منتخب لحج ــ منتخب ابين ــ منتخب حضرموت ــ شعب صنعاء ــ منتخب تعز ــ منتخب اب ــ منتخب الحديدة ) ، وافتتحت البطولة بمباراة شهدها ملعب الظرافي بصنعاء بين التلال وشعب صنعاء ، وفيها اكتسح التلال فريق شعب صنعاء وامطر مرماهم بأربعة اهداف نظيفة ، وفي ملعب الحبيشي بعدن كان لقاء جمع منتخب لحج مع منتخب إب ، وفي هذا اللقاء تسيد منتخب لحج مجريات المباراة وهز الشباك بأربعة اهداف مقابل هدف واحد لمنتخب إب ، وفي ملعب الشهداء بتعز خرج منتخب حضرموت منتصراً على منتخب تعز بثلاثة اهداف مقابل هدف ، وفي ملعب الحديدة فاز منتخب الحديدة على منتخب ابين بنتيجة 1 / ، وفي الدور الثاني فاز التلال على شعب حضرموت بهدفين بمقابل لاشي سجلهما عدنان سبوع وسعيد دعاله ، وعلى ملعب تعز فاز منتخب لحج على منتخب الحديدة بنتيجة 3 / 2 ، وكانت المباراة النهائية بين فريقي التلال ومنتخب لحج في ملعب الحبيشي فاز فيها التلال بخمسة اهداف نظيفة ، واقرت اللجنة الفنية ان يكون منتخب الحديدة هو المنتخب الذي يمثل الجمهورية العربية اليمنية في البطولة واتيحت له بذلك فرصة خوض المباراة الحاسمة مع التلال على ملعب الحبيشي وذلك في 14 اكتوبر 1980م ، وكانت هذة المباراة غير متكافئة ومن طرف واحد ، حيث تسيد التلال مجرياتها وامطر مرمى الحديدة بخمسة اهداف نظيفة ليتوج بطلاً لكأس اليمن .

عدن حرة موقع اخباري يهتم بشؤون مدينة عدن جنوب اليمن في جميع الجوانب والمجالات، ويركز على تاريخ عدن وحاضرها وواقعها الحالي