فيسبا عدن .. والحجة فطوم
((عدن حرة)) عدن :
الثلاثاء 2014-03-04 21:10:03
يا حجة فطوم ما أجمل الذكريات في عدن ملاعب الصبا – أجلس اليوم بين كتبي وأوراقي أسافر من بلد إلى آخر أبحث عن الآمان – إن الرحيل قدري ولست بغاضب، ذلك منحني المشاهدة لما يجري في العالم ، كل مكان أرحل إليه تبقى معي ذكرياتي – طفولتي وشبابي في عدن أقصها على اصدقائي عند السهر في المقاهي عند قدوم الليل في ليالي شتاء كوبنهاجن والسويد والقرى النائية في النرويج أو مقاهي جدة ودبي والشارقة – أو تلك المقاهي في ليل دمشق و بيروت الجميلة في الشتاء وحين نزول الثلوج بغزارة في ليالي لا تنسى من العمر ، كنت أحدث اصدقائي عن حوافي عدن وعيال الحوافي وتقاليد وعادات أمة عريقة مزجت ثقافتها بكل الحضارات ودون تعصب ورفض حضارة الآخرين من أستوطن عدن وأحبها وأصبح جزء منها ، عدة حضارات تمازجت وتنوعت ولم تتقوقع في ثقافة الذات بل أحتضنت ثقافة الآخرين من البشر في ثوب إنساني فريد من نوعه في الجزيرة العربية التي نامت فتره في بوتقة نفسها.
لم تبرز الحضارة العربية إلا حين عبورها إلى ما وراء النهر ، ونهلت من ثقافات وعلوم إنسانية قديمة تقبلتها دون تعصب ، ورؤية الثلوج والجمال والفن والبذخ والرخاء في الجانب الآخر من النهر.

قالت الحجة فطوم أصبر يا محمد با أعمر ماي فرست بوري و با جيب لك عواف طلياني كيك وقهوة كابتشينو ، وبعدين حازيني يا محمد عن إيطاليا وموترسيكل * فيسبا * الإيطالي. قلت لها يا حجة فطوم كل شاب عدني في عدن أرتبطت طفولته في الحافة أولآ في السيكل – المعروف الباسكيل أبو ثلات عجلات و 2 عجلات ، ثم دبل تاير وقد حازيتك من قبل عن الباسكيل في عدن.
في بداية سن البلوغ يرتبط ويعشق الشاب * السرعة * في كل شئ لأن سنة الحياة تكون سريعة ومتطورة ، ويبدأ العشق الأول في الموتر سيكل وكل شاب عدني عشق الموترسيكل وقد حث ذلك في أماكن كثير من العالم و خاصة في امريكا وعشقنا فنان ومطرب الشباب العالمي الأسطورة الأمريكي ألفيس برسلي الذي أثار ثورة الشباب في العالم ، وأفلام أسطورة الشباب الجميل جيمس دين في فيلمه عام 1955 وعرض في عدن – فيلم شرقي عَدن – East of Eden ومن المؤسف إن هذا الشاب الذي رأى المجد مبكرآ ومات كذلك في حادث موترسيكل.

يا حجة فطوم كانت الثقافة الأمريكية تمثل السرعة والقوة في موترسيكلات ضخمة ، وفي نهاية طفولتي كنت أقف أمام معرض شركة بازرعة – في حافة اليهود أتأمل موترسيكل ماركة تيرمف البريطاني – أنظر إلى ذلك الموترسيكل الضخم بعشق شديد ،
قالت الحجة فطوم يا سلام على الموترسيكلات في عدن التي استعملت حتى في نقل البريد في عدن وكانت وسيلة سريعة في النقل.
يا حجة فطوم هنا برزت إيطاليا التي كانت تمثل قوة الحركة والأناقة في أوروبا ، الأناقة في كل شئ حتى الأحذية والعطور والأزياء ، إن إيطاليا محراب الفنون والحياة الباذخة .. دولتشي فيتا - Dolce Vita إن الأناقة الإيطالية أشتهرت في أناقة السيارات وسرعتها وتناسق حجمها بعكس البريطانية والألمانية والأمريكية الضخمة الجلفة .

كانت سيارة فيات F I A T وسيارات * ألفا روميو * Alfa Romeo الإيطالية تمثل الأناقة والسرعة ، إن أيقونة سيارة ألفا روميو ترمز الى دولتشي فيتا - إنها الجمال و السرعة والأناقة .. رمز المرأة الإيطالية.
يا حجة فطوم ومن وحي الأناقة الإيطالية - عام 1946 صنعت إيطاليا موترسيكل لا يحتاج إلى قوة بدنية لإستعماله يستطيع أي فتي في مقتبل العمر سياقته ، إن المتورسيكل الخفيف الوزن الأنيق ويحمل موتر تشغيل بسيط وفعال ، وسعره رخيص جدآ في متناول كل الناس إنه - موترسيكل Vespa - قامت بتصنيعه شركة Piaggio . يا حجة فطوم انتشرت الفيسبا حول العالم من وسيلة نقل للفرد وتحولت إلى نقل أفراد ففي الهند و بنجلاديش والباكستان والصين وبلدان أخرى حول العالم قاموا بإضافة صندوق لنقل الأفراد - ميني تاكسي .
يا حجة فطوم سوف أحازيك هذه المحزايه عن الفيسبا . في حافتنا كان الوحيد الذي يملك موترسيكل فيسبا هو عبد الله السيقل من حافة الشريف وكنا ننظر في طفولتنا بدهشة وإعجاب إلى السيقل وهو يدخل إلى الحافه يسوق الفيسبا .

في عام 1958 كنت أدرس في الكلية الفنية في المعلا ، كانت باصات الكلية تقف عند البجيشة حق البلدية في شارع ايسبلانيد - شارع الملكة أروى ، كنت أتعمد أن أتأخر عن الباص وأنتظر عبد المنان بازرعة وهو يمر بالفيسبا بجانب البجيشة ويتوقف ليأخدني معه إلى المعلا عن طريق الشارع الرئيسي ويقف بي أمام عمارة ايدن تونمباكو وبعدها اسير إلى الكلية ، وكنت اشعر بسعادة وأنا أركب مع عبد المنان بازرعة الفيسبا.
يا حجة فطوم لا أعرف كيف لمحني الأستاذ محمد عبد الله الذهب وأوقفني في أحدى المرات وأنا أتسلل إلى المدرسة ، فأخبرني إنه سيخبر المدير المستر راون حول هذا الموضوع . يا حجة فطوم عام 1969 ودارت الأيام وقابلت عبد المنان بازرعة في كوبنهاجن وسألني عن سبب عدم ركوبي معه الموترسيكل ، ذكرت له القصة وحكاية إكتشاف الأستاذ الذهب بالموضوع .. فضحكنا طويلا .
دولتشي فيتا .. ما أجمل الحياة أن نعيشها بأناقة ..
* محمد أحمد البيضاني كاتب عدني ومؤرخ سياسي القاهرة
ليست هناك تعليقات:
أكتب تعليقك ورأيك في الموضوع