شابوك مارو .. من ذكريات عدن
عربة الخيل (شابوك مارو) في مدينة كريتر
((عدن حرة)) عدن :
الخميس 2014-03-06 22:48:37
ضحكت الحجة فطوم وقالت يا محمد حازيني عن تاريخ هذه الكلمة .. شابوك مارو ، قلت لها يا حجة فطوم هذه كلمة قديمة يعرفها الجيل القديم من أبناء عدن وهو الجيل الذي عاصر التاريخ في بلادنا الجميلة ، " شابوك مارو " هي كلمة هندية وتعني : أضرب بالسوط ، والشابوك هو السوط في اللغة الهندية ، ومن قبل دخول السيارات كانت هناك وسيلتان من وسائل النقل في عدن ، الأولى هي " الجاري خيل " وكلمة جاري تعني بالهندية عربة .. أي عربة خيل وهي وسيلة لنقل الأفراد في عربة أنيقة ومريحة ويجرها الخيل ، كانت محطة هذه العربات خلف شرطة عدن القديمة " شوكي عدن " في بداية الشارع الطويل ، وأذكر في طفولتي قد رأيت هذه المحطة في عام 1950 ، كنت أحب أن أشاهد الخيول والعربات - هذه العربات تقوم بمقام التاكسي في يومنا هذا

معظم سائقي العربات كانوا من أخواننا أبناء الصومال الذين أستوطنوا عدن وأحبوها وأحبتهم عدن ، وقصة شابوك مارو - إن تلك العربات حين كانت تدخل إلى حافتي العريقة حافة القاضي ، كنا ونحن أطفال نتسلل إلى خلف العربة ونركب من الخلف ، هنا يشعر بنا السائق الصومالي ويقوم بالضرب بالسوط إلى الخلف فوق الصندوق ، ويصيح بالصوت الجهوري وهو يضحك " يا عيال .. " أنسُلي " أي أنزلوا .. شابوك مارو" وهو تحذير جاد فنقوم هنا بالجري بعيد ونحن نضحك . كنا نخاف من هذا التحذير .. تحذير شابوك مارو ..

قلت لها يا حجة فطوم لم تكن توجد سيارات في عدن قديمآ فكانت العروسة العدنية تزف إلى بيت العروس بجاري خيل ، حيث يقوم أهل العروسة بتزين الجاري بستارة وورد، وكانت العروسة تزف إلى بيت زوجها في زفة كبيرة بين الطبول وحاملين الشموع ومجامر البخور و الحريم يغنوا أغاني جميلة في الزفة - موكب خرافي لن يتكرر مرة أخرى في عمر الزمن – يشق هذا الموكب الحارة , حتى الخيل عليه الزينة والورد وحين يصل إلى بيت العروس يكون هو وأهله على الباب لترحيب بالعروسة – هنا تقع المفاجأة والتقليد العدني القديم – يقولوا أهل العروس أغنية يا حلوة يا عروسة حق ابننا أنزلي – تتدلع العروسة وتقول بدلال : وراس أمي حلفت ما أنزل - ويكرروا الأغاني والطلب من العروسة أن تنزل إلي بيت زوجها ، وفي أحد المرات كان هناك صومالي جديد في عدن ولم يعرف هذه العادة العدنية : أدار وجهه من فوق الجاري وقال للعروسة : أسمعي إذا أنتي ما تشتي تنسلي – أي تنزلي ليش سويتي زواج – تدفعي 5 روبيات لصومالي في جاري خيل – تجلسي طول الليل – أنسلي والله ما أنسل طول الليل أنسلي والله ما أنزل – صومالي صاحب جاري يشتي يروح بيت . ضحك الجميع من أهل العروس ونزلت العروسة.

ضحكت الحجة وقالت يا سلام على تقاليد زمان وقد أختفت تلك التقاليد ، حازيني يا محمد من أين جاء هذا التقليد الذي أختفى من عدن في بداية عام 1940 وأختفت الجواري خيل في بداية عام 1950. إن هذا التقليد هو تركي وكان متواجد في مصر ، وقد قرأت في أحد الأيام قصة زواج السياسي التاريخي المصري سعد زغلول ، فقد ذهبت في عربة خيل يوم الزفاف زوجته صفية أم المصرين ، وكان سعد زغلول باشا ينتظرها بجانب البيت فقاموا بنفس العادة والأغنية : أنزلي .. حلفت ما أنزل ، نظر سعد زغلول بدهشة وغضب وقال : أنزلي وإلا عمرك ما نزلتي . دخل المنزل وأغلق الباب فنزلت صفية ودخلت المنزل ضاحكة.
قالت الحجة فطوم ايش تشتي سحور قلت خمير موفى وفاصوليا بالقوارمه.
* محمد أحمد البيضاني كاتب عدني ومؤرخ سياسي القاهرة
ليست هناك تعليقات:
أكتب تعليقك ورأيك في الموضوع