اخر الاخبار
recent

من ذكريات عدن : الفوط العدنية .. والحجة فطوم




صورة لبعض الشخصيات العدنية قديما


((عدن حرة)) عدن :
الاحد 2014-04-06 22:30:19




قلت للحجة فطوم إن عظمة الشعوب هو التراث والبشر تمشي على الأرض ، بلادنا عدن بلد الحضارة والإنسان العريق الكريم وفيها شخصيات وتراث شعبي صنعه الناس . يا حجة فطوم كانت الأزياء في عدن تمثل تاريخ عظيم ولا يوجد شعب في العالم حافظ على أزيائه مثل الشعب الهندي والياباني . في العشرينات بدء التقدم الكبير في عدنبلادنا الجميلة، وكانت الفوط العدنية –إزار هو اللبس الشعبي لأبناء عدن والريف. توجد عدة أنواع من الفوط بعضها يستعمل داخل المنزل للنوم حتى اليوم وهي فوط قطنية تأتي من الهند ونستعملها للنوم "بيجامة عدني" وتدعى فوط ماركة "مولانا" – مصنوعة من القطن الخفيف وحين كنت في السعودية عام 1973 وجدت هذه الفوط متواجدة في أسواق جدة. وفي دبي عام 1969 رأيت البنغاليين والهنود من ولاية كيرلا يستعملوا فوط كثيرة الألوان بطريقة تخلو من الأناقة وتشبه "الطراريح" – أي أغطية السرير و التي كانت تلون في حارة الصباغين في الشيخ عثمان في الأربعينيات ، والفوط البنغالي و الهندي تربط بطريقة خاصة بواسطة عقدة في مقدمة البطن .


ضحكت الحجة فطوم وقالت أصبر يا محمد با أعمر ماي فرست بوري وبا أجيب لك عواف سمبوسه وباجيه وبسباس أحمر بالحُمر وشاي مُلبن. قلت للحجة فطوم سنبدأ بالفوط الغالية وهي فوط من الحرير أحضرها المهاجرين الحضارم الأوائل من جزيرة "بالي" الجميلة الاندونيسية و كنت حين أذهب إلى المقر الرئيسي لعملي في أستراليا أتوقف في سنغافورا أو اندونيسيا وفي أحد الرحلات توقفت في اندونيسيا وذهبت إلى جزيرة "بالي" ورأيت النساء الاندونيسيات يلبسوا الفساتين النسائية ويلبسوا فوق الفساتين فوط من الخارج حريرية ، ضحكت الحجة فطوم وقالت آو حريم يلبسوا فوط رجالي ، قلت لها فوط حريرية غالية بالألوان الجميلة.


احدى صيدليات عدن زمان



يا حجة فطوم كانت الفوط "بالي" تأتي في ربطة أسمها "الكورجة" وعددها 12 فوطة و كانت مع كل كورجة تأتي فوطه لونها سمني بخطوط – فوط رائعة ، وكان الناس يضربوا المثل عن الفوط "بالي" : "أنها فوط تدخل في الخاتم " لرقة الحرير التي صنعت منه ، الناس في عدن يغسلوا هذه الفوط الثمينة بالشامبو وباليد دون عصرها ولا ينشفوها في الشمس بل في غرف البيت ، وأخبرني صديق حضرمي إن هذه الفوط "بالي" كالذهب كل ما مر عليها الزمن وتقادمت أصبحت أجمل – حقآ إنها تحفة فنية خالدة تحكي قصة أناقة مميزة.


يا حجة فطوم بريطانيا عندما أسست "جيش محمية عدن" APL عام 1920ضحكت الحجة فطوم وقالت يا سلام على جيش الليوي ، كان أبي سعيد مربوش من حافة القاضي يشتغل مع جيش الليوي و يجيب لنا "اللأنجوس" – شراب ليمون بودرة يعطى للجنود في الجيش ، وقد


صورة لمدينة الشيخ عثمان والملاهي زمان 

عملت بريطانيا للجنود فوط وعمائم من الكاكي إحترامآ لتقاليد الناس. يا حجة فطوم هناك نوع آخر من المعاوز يعمله "الحائكين" بواسطة الآله الخشبية فوط قطنية صناعة يدوية وأشتهر به أهل تهامة وأذكر في طفولتي كانت محلاتهم في سوق البز وأختفوا في الخمسينيات , أيضآ كان هناك المقطب . كانت لحج مشهورة بالصناعة اليدوية للمعاوز الحريرية الغالية وتسمى "السعيدوني"، و تستعمل كعمائم وفوط ويطلق عليها "عمامة ديولي" يلبسها سلاطين وشيوخ . كنا نمازح مدربنا العسكري ومعلمنا النقيب "عمو علي بهري" في زامل عدني معرف وكان يضحك من كل قلبه - ويقول الزامل : " عمو علي لما دخل المخدره لابس عمامة ديولي" . وهذه العمائم كان يلبسها مهراجات الهند في عصر حيدر أباد الذهبي ويلبسها الناس العاديين في يوم حفلة الزواج .


الفنان احمد قاسم والاعلامي جعفر مرشد زمان



يا حجة فطوم ومن الظريف إن عيال الصومال كانت لهم فوطة مميزة – إسمها فوطة ماركة أبو تفاح ولها لون ونقشه خاصة ورأيت في دبي أحد الدكاكين ما زال يبيع هذه الماركة التي يحبها الصومال حتى يومنا. يا حجة فطوم أن السر ليس في الفوط فقط ولكن كيف "يتفوط" الرجل ولها عدة طرق ، كان الحضارم يلبسوا الفوطة على فردتين ولها طريقة تحتاج إلى مران وفن ، وعيال عدن يتفوطوا بطريف الفردة الواحدة ، وأذكر في حارتي – حارة القاضي أن أحسن من تفوط وأشتهر بذلك هو: إبراهيم حداد ، أحمد صالح موشجي ، حامد شوطح ، عثمان راجح ، عبده سلامي ، حسن جعفر أمان، صالح نورجي ، صالح حريري ، خالد با سودان ، سالم علي زيد ، محفوظ باوزير ،أحمد صالح عبدالاه ، عمر سالم العمودي ،أحمد قاسم ، الحاج مرشد الرديني. يا حجة فطوم في بداية الستينيات أختفت الفوط من شوارع عدن وظهرت البنطلونات ، وكان في سوق البز كثير من دكاكين الفوط . يرافق الفوط في عدن لبس كوفية زنجباري غالية أو كوفية بيضاء عادية و أمهات عدن العجايز في العصر يجلسوا يشتغلوها من الخيط الأبيض ثم يبيعوها في سوق الطويل.


* محمد أحمد البيضاني كاتب عدني ومؤرخ سياسي القاهرة

ليست هناك تعليقات:

أكتب تعليقك ورأيك في الموضوع

يتم التشغيل بواسطة Blogger.