اخر الاخبار
recent

ذكريات عدن زمان .. زنبيلو عدن .. والحجة فطوم




صورة قديمة لسوق الخضار والفواكه بعدن



((عدن حرة)) عدن :
الاربعاء 2014-04-02 22:30:17




هذا الصباح الجميل في الشتاء الرائع ورائحة القهوة تعطر جو غرفتي التي يدفئها وهج النار من المدفأة ، وصوت فيروز يعيد في قلبي كتابة كل ذكرى جميلة عشتها في عدن موطني ،عند الساعات الأولى من الصباح أفتح النافذة الكبيرة ليتجدد الهواء وتدخل من العريشة شجرة الياسمين لتشعر بالدفء والحنان، وتشكو لي من قسوة الشتاء والثلج الذي أذبل زهورها وأبكاها – قلت لها يجب أن نبكي من حين إلى آخر – إن البكاء يجعل العيون حنونة وجميلة - إن الله يكره عين لا تدمع .


قلت للحجة فطوم هناك كلمات تاريخية مهمة قد أختف من تاريخ وعادات بلادنا عدن . 



هذه الكلمة هي " زنبيلو" وعمل الزنبيلو و قد أختفوا في حوالي الستينيات. سأشرح للجيل الجديد معنى الكلمة .. الكلمة وتعني زنبيل ، كنت أظن أن أخوتنا الصومال في عدن قد أضافوا حرف الواو للدلع مثل ما يسموا أحمد – أحمدو أو سميرة – سميرو ، ولكن صديقي المثقف الصومالي صحح هذه المعلومة ، قال أن حرف الواو هو حرف نداء وليس للدلع مثلآ حين نقول زنبيلو حين ننادي صاحب الزنبيل أي يا صاحب الزنبيل – معلومة جديدة رائعة . يرتبط الزنبيلو مع الماركيت حيث يعمل ، و الماركيت كلمة أصلها إنجليزية تعني السوق .


قالت الحجة فطوم با أعمر ماي فرست بوري وبا أجيب لك قوارمه بالسمن الزيلعي مع فول وقرص روتي أبو صندوق شاحط من عند فرن عبد العزيز ، القوارمه جابتها لي الحجة ديقو من حوش الصومال في بيت سالم علي اليافعي العدني – جيران بيت جدك ، في هذا البيت اليافعي الكريم ولد الدكتور سالم عبد الخالق اليافعي العدني – أول طبيب في تاريخ عدن. 



يا حجة فطوم قبل تعريفنا عن زنبيلو سنتكلم عن الماركيت – أي السوق المركزي . أنشاء هذا السوق في الثلاثينيات من قبل بلدية عدن وكان سوق حديث متكامل ويحتوي على عدة أسواق : سوق السمك وسوق اللحوم بجانب بعض ومن أجل تجنب الروائح وعلى مسافة كان هناك سوق الخضار وسوق القات بجانب بعض ، وفي داخل السوق يوجد مكتب متكامل للنظام والنظافة وخدمات بيطرية وصحية وفريق تنظيف بعد إغلاق السوق، وللسوق عدة أبواب ومداخل من كل الجوانب. كان من أشهر مدراء السوق الذين طوروا هذا السوق هو العم محمد علي زيد – الزيدان من سكان وأعيان حارتنا – حارة القاضي وابنه صالح زيدان زميلي في الحارة والطفولة والدراسة. 
 



يا حجة فطوم كان يعمل بجانب كل محل لأصحاب الخضار والفواكه مجموعة من الصبية يعرفوا ب " زنبيلو " أي حامل الزنبيل – كل مجموعة متخصصة بحارة من الحواري ويعرفوا جميع البيوت في الحارة ، كان الآباء يشتروا الخضار والفواكه ويسلموا ذلك إلى الزنبيلو فيحملها في الزنبيل ويوصلوها إلى المنازل ، كان نظام "التوصيل إلى المنازل" نظام قديم في عدن ويتم بطريقة رائعة ويتقاضى الزنبيلو راتب من صاحب الخضار ومعظم الوقت يحصلوا على بقشيش من الأمهات في البيوت ، كان الزنبيلو يعرف كل البيوت ويوصل الطلبية بأمانه.


قالت الحجة فطوم كانت الناس في بلادنا يربطها رابط إنساني ، فتحنا بلادنا للعمل لكل الناس – بعضهم شكر والقليل جحد وبطر . كانت أكثر العائلات العدنية تعطي هؤلاء الصبية الزنبيلو الشاي وبعض المأكولات والملابس .


دمعت عين الحجة فطوم وقالت الله أكبر عدن لم تعرف التعصب والحقد – عدن عبقرية المكان وجوهرة الزمان.


* محمد أحمد البيضاني كاتب عدني ومؤرخ سياسي القاهرة

ليست هناك تعليقات:

أكتب تعليقك ورأيك في الموضوع

يتم التشغيل بواسطة Blogger.