Friday, March 14 2025
اخر الاخبار
recent

العشاء الأخير .. وعلي مرجان






كان العشاء الاخير لبعض رجال الجبهة القومية في عدن .. ذلك العشاء الذي تناوله أعضاء الجبهة القومية في منزل رجل الأعمال البيضاني الشيخ على مرجان وكيل سيارات فيات في الصومال وكينيا وعدن ، كان يطلق عليه في كينيا " ملك الطريق " .


هذا الرجل الأسطورة خرج من البيضاء في سن مبكرة جدآ، ذهب إلى الصومال وعمل صبي ميكانيكي في أحد ورش سيارات فيات ، تعلم المهنة الفنية في الورش سنين طويلة وبعدها عمل في مجال تجارة السيارات أكثر من 65 سنة . في الستينيات عاد إلى عدن وأشترى شركة فيات من الإيطاليين ، وتزوج من الآنسة الفاضلة العدنية البيضانية هانم على محمد عمر جرجرة الشيبة البيضاني .


كان هذا الرجل مليونير أسطورة في عالم تجارة السيارات ويتكلم اللغة الإيطالية بطلاقة ، وقيل إنه في نهاية مشوار حياته العظيمة أصبح أحد الشركاء في شركة فيات العملاقة. جاءت كلمة فيات من المصطلح باللغة الإيطالية F. I. A. T فابريكا ايتليانو اتومبيلو تورينو وتعني المصنع الإيطالي للسيارات في تورينو. عاش هذا الرجل حياة حافلة في عالم تجارة السيارات الإيطالية.


من صدف القدر الرهيبة إنه في تلك الليلة دعا الشيخ على مرجان للعشاء أعضاء الجبهة القومية الحاكمة من وزراء ودبلوماسيين وسفراء ورجال الدولة وخيرة المثقفين من حركة القوميين العرب وكثير من الحركات السياسية التي انضمت إلى الجبهة القومية وأسست فكر الحزب الحاكم والبعض منهم من أشترك في مفاوضات الإستقلال في جينيف.


كان الجميع على مائدة هذا الرجل الكريم الضحايا والقتلة المنفذين لحادث إنفجار الطائرة بالقنبلة التي تسببت بحرق وموت الجميع من رجال الدولة بتلك الطريقة الوحشية. لم يكن الضحايا يعلموا إنه العشاء الأخير لهم في بيت علي مرجان و لا علي مرجان عرف ذلك. وفي الصباح ركبوا الطائرة فأنفجرت في الجو ومات الجميع.


لم يحدث في تاريخ اليمن مثل هذا الفكر الوحشي، لقد خططوا للعملية ببراعة وزرعوا القنبلة في الطائرة إنه العقل الإجرامي حتى في إختيار طيار تلك الرحلة المشؤمة.


كان الطيار هو الكابتن أحمد حسين- طيار سعودي هرب بطائرته الحربية إلى صنعاء أيام حرب اليمن بين الجمهوريين والملكيين ، ثم غادر صنعاء إلى عدن وعمل كطيار مدني في شركة باسكو للطيران، وقد عرفته قبل الإستقلال معرفة شخصية ، أحب عدن وأبناء عدن وتزوج من سيدة عدنية من بيت باخريبة ورزق منها بأطفال وسكن في شقة جميلة في شارع المعلا الرئيسي.كان الكابتن أحمد حسين كريمآ وسيمآ و شجاعآ وهو من أبناء جدة.


يا بن عمر .. تأمل هذه القصة الدموية التي لم تحدث قط في تاريخ اليمن وهناك كثير من القصص سنقصها عليك ليس القصد منها إثارة الحقد والفتن بل إنقاذ الوطن من بقايا تلك الشرذمة التي عبثت في دماء الناس ودمرت الوطن .. يا بن عمر لقد قامت جهة عالمية خلال 45 سنة بملاحقة مجرمين الحرب النازيين الفارين وأحضرتهم أمام العدالة. يا بن عمر .. إن جرائم الحرب ليست ديون تجارية في السوق تنتهي بتقادم الزمن .. يا بن عمر إنها دماء أمة سفكت بكل قذارة ووحشية. يا بن عمر.. إن الحوار مع مجرمي الحرب هو المأساة وضياع الوقت.


يا بن عمر .. تركوا عدن تغوص في دمها في 13 يناير .. وهربوا إلى الجبال التي تكسوها الثلوج في الليالي المخملية الحالمة .. ينظروا ويناضلوا في ظلال الشموع و من عبق شاتو بريان .. والشعب في عدن جائع وطفران.


محمد أحمد البيضاني كاتب عدني ومؤرخ سياسي القاهرة


17 يوليو 2013م



الرياضة في عدن ,معالم تاريخية,مديريات عدن,موسوعة عدن حرة لأجمل صور عدن,فنانون واغاني عدنية، أخبار عدن جنوب اليمن

ليست هناك تعليقات:

أكتب تعليقك ورأيك في الموضوع

يتم التشغيل بواسطة Blogger.