Sunday, March 16 2025

النِسالة العدنية .. والحجة فطوم




((عدن حرة)) عدن :
الثلاثاء 2014-04-22 00:10:43




الأم العدنية .. إنها أجمل أم في الدنيا عرفت بجمالها ووفائها وحسن معدنها .. قوية حنونة مكافحة تعمل كل الأشياء لبيتها بيدها الكريمة أكانت فقيرة أو غنية - لا تشكو بل ضاحكة دومآ ، وأطفال يلعبوا في الشوارع بكل ما هو متوفر أكانوا أغنياء أو فقراء ، لم يكن موجود كثير من الألعاب أو الوسائل ، ولكن لعبنا بالعلب الفارغة والأكياس وحتى الكرتون والحجارة ، أخترعنا ألعاب كانت تدخل السعادة إلى قلوبنا دون شكوى أو تحميل أهلنا ما لايطيقوه – هذه هي حواري عدن ملاعب الصبا التي سكنت في قلوبنا وضميرنا. كانت أغطية السرير وأكياس المخدات الملونه الجاهزة الصنع غير متواجدة في البلاد . عند العصر تقوم كل أم عدنية بعمل النِسالة وصنع أغطية ملونة جميلة – صنع الأم العدنية الرائعة ، سوف نشرح معنى كلمة النِسالة التي أختفت من القاموس العدني ، ولكنها لم تختفي من قاموس القلب والروح - قلب كل عدني وعدنية - إنه تاريخ أمة تحكيه الحجة فطوم للأجيال المتواجدة والقادمة .. تحكيه ليس بالطريقة المعروفة التقليدية الممله – تحكيه الحجة فطوم ضاحكة بمناجمه عدنية مرحة.. توثيق وبهجة تدخل النفس والعقل.


قالت الحجة فطوم اصبر يا محمد با اعمر ماي فرست بوري وبا اجيب لك عواف حلاوة اللبن وصابع وقرمش وشاهي ملبن وبعدين حازيني عن النِسالة العدنية. يا حجة فطوم كانت الأم العدنية تجلس عند الطاقة الشبك أو طراحة الباب تعمل في النِسالة ، وأيضا تراقب الأولاد يلعبوا في الشارع وبجانبها الخيزران سلاح الردع من المضرابه حق العيال .


احدى رياض الاطفال في عدن زمان



كانت الأم تشتري القماش الأبيض وتقوم برسم الورد أو الطاؤوس بطريق النسخ *كوبي* من صور تباع لذلك الغرض ، ثم تشتري خيوط *جُد* ملونة حريرية أو قطنية، وتشد قطع القماش بخوص أو بلاستيك دائري اسمه *الطاره* وتشد القماش وتبدأ العمل بإبره والخيط على النقوش المرسومة،


قالت الحجة فطوم يا سلام يا محمد كنت أشتري الخيوط الجميلة التي تأتي في عجلات خشيبة صغيرة من عند دكان علي اليافعي في حافة اليهود وهو الدكان المتخصص في بيع الخيوط والطارات و* الكَبي * وهو غطاء معدني بشبه الطربوش يلبس في الأصبع ليحميها من الإبرة.


قلت لها يا سلام أعرف دكان علي اليافعي ، وكان بيته في حافة اليهود قريب من مكتب أبي ، ولعبت مع عيالهم نصر كان زميلي في الدراسة ومحسن مهندس أكبر منه كان يدرس في المعهد الفني ، وأختهم السياسية المعروفة عايدة يافعي – كنا نلعب معأ عند بيتهم في حافة اليهود قرب مكتب أبي.


يا حجة فطوم كانت الطراحات وأكياس المخدات جميلة بتلك النقوش التي تصنعها أمهاتنا بالفن المعروف في تاريخ عدن .. فن النِسالة العدنية. وفي الخمسينيات دخلت عدن عصر التطور والرقي وتقدم البلاد إقتصاديآ ومعماريا ومهنيا - كانت ثورة بناء حضارية شملت عدن ودخلت مكاين الخياطة * سنجر * - Singer وانتشرت في البلاد ، كان وكيل شركة سنجر والمستورد الوحيد خالي الشيخ صالح علي إبراهيم لقمان الذي أمتلك محلات توزيع وورشة كبيرة لتصليح المكاين ، وكانت المكاين تدار يدويا وبعدها أحضر مكاين خياطة تدار بالكهرباء وأحضر أجزاء تقوم بصنع النِسالة آليا بجهاز متطور ، كان وكيل شركة سنجر في عدن وصنعاء ، وترسل هذه المكاين من عدن إلى السعودية والخليج.




يا حجة فطوم - لقد أستطاع هذا العدني العملاق خالي الشيخ صالح علي إبراهيم لقمان – وهو أخ خالتي السيدة ملكي علي إبراهيم لقمان – أم إخوتي - زوجة والدي الحاج أحمد عبد الله ناصر بن عبد أحمد الشيبة البيضاني. أستطاع خالي الشيخ صالح منافسة التجار الأجانب – وكانت له إسهامات أدبية وإصلاحية في الجمعيات الخيرية ، وكان من أوائل من أنشاء * جمعية مساعدة مرضى السل * مع صديقه الشيخ علي تركي ، والشيخ محمد بن سالم البيحاني ، والدكتور البريطاني مستر كوكرين ، والشيخ محمد عوض باوزير ، كان الشيخ صالح لقمان يصرف مجانآ مكائن سنجر للخياطة لمريضات السل من العدنيات.


يا حجة فطوم ثم واصلت عجلة التطور دورانها فأستورد التجار في عدن من الخارج طراريح وأكياس مخدات وفيها كثير جدا من الرسومات الملونة – Ready Made وأيضا لون القماش من عدة ألوان بعد أن كان الوحيد اللون الأبيض.
وبقت ذكرى نقش الوردة الحمراء والطاؤوس على المخدة العدنية .. تحكي للأجيال قصة أمة.


ذهب عالم النِسالة العدنية - ولكن بقت ذكرى خطرت الأم العدنية بشيدرها الأنيق في حوافي عدن .. ستبقى هذه الذكرى في قلب كل عدني وعدنية إلى الأبد ..


* محمد أحمد البيضاني كاتب عدني ومؤرخ سياسي دمشق

ليست هناك تعليقات:

أكتب تعليقك ورأيك في الموضوع

يتم التشغيل بواسطة Blogger.