من ذكريات عدن زمان .. دوابية عدن .. والحجة فطوم
((عدن حرة)) عدن :
الثلاثاء 2014-04-22 21:51:52
قلت للحجة فطوم سنشرح للجيل الجديد معنى كلمة "دوبي" وهذه الكلمة أختفت من القاموس العدني ، وبحث عن أصلها ووجدتها جاءت من اللغة الهندية ، وتعني الغسال – المكوجي ، وهو الشخص الذي يقوم بغسيل الثياب ، وفي حالة المرأة يقال لها في اللهجة العدنية "مُصبنه" .
الدوبي أظرف وأهم شخصية في المجتمع العدني وفي حواري عدن ، وفي كل حارة يوجد فيها محل دوبي ، كانت هذه الشخصية الكاركتارية مهمة وأصيلة ، كان محل الدوبي ملتقى عيال الحافه حيث تدور المناجمه العدنية والمزاح الضاحك ، كان دكان الدوبي أكبر مركز للمناجمه ، وفي حافتنا حافة القاضي كان هناك محل الدوبي عبدالله المصري ، ومحل آخر محل علي ماجد وكلاهما أكبر مناجمين ، كان الدوبي يقوم بعمله وعيال الحافة يناجموه ويمزحوا وهو يرد على الجميع ومستمر في عمله ، كان محل الدوبي مثل نادي مصغر في الحارة . ضحكت الحجة فطوم وقالت أصبر يا محمد با عمر ماي فرست بوري ، وبا أجيب لك عتر وخمير حالي . .

يا حجة فطوم محل الدوبي العدني الأصيل هو محل لكي الثياب فقط وليس للغسيل ، ولكن جاء بعض الوافدين وأدخلوا الغسيل والمكوى ، في حواري عدن كانت الثياب تغسل في البيت بواسطة الأمهات ، وبعض العائلات العدنية الميسورة تستأجر سيدة متقدمة في السن لتغسل الثياب ، وتدعى "المُصبنه" وهي من حريم الحافة وكان دخلهم محدود وكنا نحبهم ونحترمهم ونحترم كفاح المرأة العدنية وبعض منهم أرسلوا عيالهم إلى المدارس. .
قالت الحجة فطوم في الأربعينيات كان صابون الغسيل يُصنع محليآ وهو قطع من الصابون يسمى "أبو شمس" كانت تصنعه "شركة البس" في عدن ، هذا الصابون القوي بالصودا يحرق أيادي المُصبنات في عميلة الغسيل . قلت لها يا حجة فطوم رأيت في طفولتي في بيتنا المصبنة الخاله صفية التي كانت تعمل في بيتنا تضع الحنه على يدها بعد الغسيل من حرقة الصابون، وحين كنت في السعودية كنت أتواصل معها كل رمضان لأدخل السعادة إلى قلبها وعرفان بعملها العظيم ويعمل ذلك كل عدني كريم .. إنهم أشرف سيدات عدن المكافحات من أجل لقمة العيش.

. قالت الحجة فطوم يا محمد بجانب هذا الصابون الجلف الرهيب "أبو شمس" ، كانت المُصبنات يضيفوا مادة إسمها "الريته" وهي حبوب نباتية تستعمل في "لجن" الغسيل .. أي طشت الغسيل ، هذه الحبوب كانت تعمل للغسيل رائحة جميلة وتزيد من قوة الغسيل وهو مثل "الكلوركس" هذه الأيام . قلت للحجة فطوم وفي بداية الخمسينيات جاء الصابون التاريخي "تايد" المسحوق الرقيق ورحم أيادي الجميع ودخلت عدن عصرها الذهبي . كانت "المكوى" القديمة ثقيلة من الحديد ويضعوا الفحم المشتعل في داخلها ، ويقول عنها الدوبي ابن حافتي العريق الظريف أبوبكر عبدالله المصري .. كاويه رزينه ثقيلة تجيب الهُزر .
ثم جاءت المكوى الكهربائية الخفيفة فاختفت مهنة الدوبي ، وجاءت الغسالات الكهربائية إلى البيوت وأختفت مهنة "المُصبنه" العظيمة والدوبي العدني ، تراث عظيم تاريخي .
. * محمد أحمد البيضاني كاتب عدني ومؤرخ سياسي دمشق الجميلة
ليست هناك تعليقات:
أكتب تعليقك ورأيك في الموضوع