Saturday, March 15 2025

مزاد البنك المركزي اليمني لبيع العملات .. بين مجابهة النجاح و انتقاد الفشل




عدن حرة / كرم أمان


لجأ البنك المركزي اليمني من مقره الرئيسي في العاصمة المؤقتة عدن، مؤخرا الى استخدام احدى ادوات السياسة النقدية « السوق المفتوحة» ووفق آلية جديدة، من أجل تخفيض التضخم الحالي وسحب السيولة النقدية في العملة المحلية من السوق، وضخ عملات أجنبية لامتصاص الطلب المتزايد ، مستخدما احتياطياته وارصدته من العملات الصعبة محليا و خارجيا، في اطار الحد من تدهور قيمة الريال اليمني ووقف عمليات المضاربة غير المشروعة في السوق. 

واطلق البنك المركزي اليمني، يوم الاربعاء، المزاد لبيع العملات الأجنبية للبنوك التجارية والاسلامية المحلية، عبر منصة الكترونية عالمية، محددا مبلغ 15 مليون دولار للبيع في اول ايام المزاد وبسعر صرف يقل عن سعر السوق الظاهر في موقع البنك المركزي بمبلغ 50 ريالا لكل دولار امريكي ، ومع ذلك لم يتقدم للمزاد سوى 8 عطاءات لخمسة مشاركين فقط، باجمالي مبلغ 8.7 مليون دولار تقريبا وبسعر صرف بلغ 1391 ريال لكل دولار ، على أن يتم تسوية العطاءات وتغذية الحسابات الخارجية من العملة الصعبة للبنوك المشتركة يوم الاحد القادم 14 نوفمبر، وفقا لموقع البنك المركزي. 

وكان كثير من الاقتصاديين والمهتمين بالشؤون المالية والمصرفية ، وايضا المواطنين، يعقدون آمالا واسعة بتراجع اسعار الصرف مع انطلاق مزاد المركزي اليمني، إلا أن اسعار الصرف واصلت في ارتفاعها بالسوق خلال اليومين الماضية، لتسجل الخميس 403 ريال يمني لكل ريال سعودي و 1530 ريال لكل دولار .

ويفسر بعض الاقتصاديون اليمنيون ، قلة المشتركين في مزاد البنك المركزي خلال يومه الاول، يعود لاسباب عديدة، اهمها وجود اطراف عديدة تجابه كل اجراءات البنك المركزي وتسعى الى افشالها، فيما يرجع اخرون السبب الى فقدان الثقة بالبنك المركزي واجراءاته ، مفضلين الانتظار لما سيرونه من نتائج اليوم الأول ومصداقية البنك في تنفيذ تعهداته ، في حين يرى اخرون أن قلة المشتركين للمزاد في يومه الاول يؤكد أنه لا يوجد طلب حقيقي للعملات في السوق المحلية، وأن ارتفاع اسعار الصرف نتيجة للمضاربات بين الصرافين. 


مجابهة البنك وافشاله

وفي هذا الشأن، يؤكد عميد كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة عدن الدكتور محمد باناجة "وجود اطراف عديدة تواجه البنك وتسعى بكل قوتها وادواتها الى افشال كافة اجراءاته وقراراته للحد من تدهور العملة، فالاقتصاد اداة من ادوات الحرب".

وحول تقييمه لنتائج المزاد، واسباب عدم اعطاء البنك المركزي سعر تأشيري محدد، وعدم قدرة المزاد على الانعكاس ايجابا على أسعار الصرف السائدة بالسوق، يقول باناجة في حديث خاص لإرم نيوز: "حتى لو اعتمد البنك سعر تأشيري، فمجابهة كل الاصلاحات التي يقوم بها البنك ستستمر، فلا يمكن الحكم على الامر من اول مزاد، وبتقديري أرى ان 8 عطاءات مقدمة عدد لا باس به لاسباب كثيرة، منها أن الاعلان عن بدء بيع العملة عبر المزاد لم يأخذ الوقت الكافي له للوصول الى اكبر عدد ممكن من البنوك، كما أن عملية البيع عبر مزاد العملة بحد ذاتها حديثة عهد بسوق الصرف، بالإضافة الى أن العملية تتم عبر المنصة الالكترونيه Refinitiv، وقلما نجد في الاوساط المصرفية من يتعاطى الكترونيا بمزادات العملة، فضلا عن اسباب كثيرة كانت سببا في استثمار حوالي 60 بالمئة من المبلغ المتاح للمنافسة، ويكفي ان مزاد الاربعاء اتاح لتوجيه حوالي اكثر من 12 مليار ريال الى القنوات المصرفية بعد ان جفت من تدفق النقود منها واليها".

وبشأن امكانية البنك المركزي من التحكم بالعرض من النقد الأجنبي وإعادة التوازن بالسوق بين التضخم الكبير من العملة المحلية والمعروض من العملة الاجنبية، يرى الدكتور باناجة ان : "السوق المفتوحة بالآلية الجديدة التي لجأ اليها البنك المركزي حاليا، هي احدى الادوات النقدية لسحب السيولة بالريال اليمني من السوق وفي نفس الوقت ضخ نقد اجنبي لتغذية الاصول الخارجية للبنوك التجارية، ما يعني زيادة المكون الاجنبي في العرض النقدي".

وكان البنك المركزي اليمني بدأ وللمرة الاولى منذ نقل مركزه الرئيسي من صنعاء الى عدن في 2016 ، يضع متوسطا لأسعار الصرف السائدة بالسوق على موقعه الالكتروني يوم الاثنين الماضي، وهي اسعار صرف مرتفعة جدا تفاوتت خلال ثلاثة أيام من 379 الى 385 ريال يمني لكل ريال سعودي، وهو الأمر الذي يراه بعض التجار و رجال الاعمال بأنه يضر بمراكزهم المالية، بالإضافة الى ابداء مخاوفهم من عدم وجود إحتياطيات نقدية كافية لدى البنك المركزي اليمني.

وبهذا الأمر، يرى الدكتور باناجة أن : " الانتظار قليلا أفضل من الاستعجال بالحكم، فهناك اكثر من هدف ان شاء الله سيتحقق من خلال تطبيق مزاد العملة عبر المنصات الالكترونية، وباعتقادي فان البنك المركزي لن يقدم على هذه الخطوة إلا وهو واثق من احتياطياته النقدية محليا و خارجيا ، وأتمنى أن نعطي مساحة زمنية لاستخدام مزاد العملة ثم نجري تقويما له لنرى فوائده".


طلب وهمي و فقاعة سعرية

يرى الباحث الاقتصادي اليمني وحيد الفودعي أن نتائج اول أيام مزاد البنك المركزي لبيع العملات الاجنبية يؤكد أنه "لايوجد طلب حقيقي في السوق، فكل ما يوجد بالسوق هو طلب وهمي وبيع و شراء وهمي ومضاربات".

وأضاف الفودعي في حديث لإرم نيوز : " للأسف البنك المركزي سمح للاطراف الأخرى أن تلعب باسعار الصرف والسوق المحلية بسبب عدم تبنيه سعر تأشيري ملزم ".

وتابع:" الحل النهائي يكمن في تحديد سعر تأشيري ملزم، ينساب بشكل تدريجي هبوطاً الى السعر التوازني، مع السماح بمبلغ معين (10 ريال) زيادة أو نقصان عن السعر التأشيري، ويلتزم فيه كافة البنوك وشركات ومنشآت الصرافة، بالاضافة الى فرض رقابة صارمة وعقوبات تصل الى حد التأميم، لأن سعر الصرف لا يعالج باجراء واحد، فيستلزم الامر مصفوفة مزمنة من الحلول والمعالجات المالية والنقدية والأمنية والقضائية تفعل بالتوازي وفق الأولويات، لكن غير ذلك يعد فقاعة سعرية لا أكثر ".

ويرى الفودعي أن : "هناك تحسن كبير في ايرادات الدولة خلال التسعة الاشهر الماضية مقارنة بالعام الماضي، كما انخفض بشكل كبير الاعتماد على الاصدار النقدي والاقتراض من قبل البنك المركزي هذا العام، بالاضافة الى أن البنك يمتلك حاليا نحو مليار ونصف المليار دولار من الاحتياطيات المالية بحسب مصادري الخاصة ، ومع ذلك فمن يمتلك الميدان والفرس اودى بسعر الصرف الى 1500 ريال".


تحدي و بداية غير موفقة

ويؤكد الباحث الاقتصادي و المختص بالشؤون المالية والمصرفية أيمن العاقل أن "هناك أسباب و عوامل عديدة تقف عائق أمام نجاح اجراءات البنك المركزي الاخيرة، ومنها مجابهة أطراف اخرى تسعى الى افشال خطوات البنك، لكن وبصراحة كانت بداية البنك في تنفيذ هذه الخطوات ومنها المزاد غير موفقة وغير مشجعة ".

وأضاف: "هناك أطراف عديدة تسعى بقوة لافشال البنك المركزي وخطواته، وللأسف أقولها أن من تلك الاطراف موجودة داخل البنك المركزي نفسه، هناك تحدي كبير حاليا بين البنك المركزي و الصرافين الذين يتربصون به لافشال المزاد، كونه سيسحب عنهم طلبات التجار والمستوردين ". 

وأوضح العاقل أن:" ما طرحه البنك المركزي في أول ايام المزاد مبلغ قليل جدا، حيث أن 15 مليون دولار يعد مبلغ صغير ولا يغطي طلبات تاجر واحد، ولكن ننتظر للمزاد الثاني الذي نتوقع ان يفتح مطلع الاسبوع القادم، ومع ذلك سنرى الصرافين ستزيد حدتهم في التخدي و سيسعون الى رفع سعر الصرف الى نحو 450 ريال لكل ريال سعودي ".

يذكر أن البنك المركزي اليمني ينفذ حملات تفتيش ومراقبة ميدانية على شركات ومنشآت الصرافة في كل من عدن و مأرب و حضرموت، اغلق على اثرها أكثر من 90 شركة ومنشآة صرافة، حيث يرى البنك أن السبب الرئيسي في ارتفاع اسعار الصرف هو انتشار الصرافين وتوسع نشاطهم ومضارباتهم بالعملة، الا ان الصرافين في عدن وعبر متحدثهم الرسمي صبحي باغفار ينفون ذلك ، ويرمون بالكرة الى الاوضاع الاقتصادية في البلد ، ويحملون الحكومة و البنك المركزي مسؤولية ذلك الانهيار.





عدن حرة موقع اخباري جنوبي في اليمن

ليست هناك تعليقات:

أكتب تعليقك ورأيك في الموضوع

يتم التشغيل بواسطة Blogger.