من ذكريات عدن زمان : سجائر الإمام .. والحجة فطوم
((عدن حرة)) عدن :
الخميس 2014-04-17 23:20:22
يا حجة فطوم تعود بي الذكريات .. تلك الذكريات التي تعيش في نفسي وهي ذكرى طفولتي والشئ الوحيد الباقي لي في هذه الحياة، وأشعر أن تحت كل حجر في عدن بلادنا الجميلة يوجد تاريخ أو من المعالم الأثرية أو قصة ضاحكة لأناس قد ماتوا والبعض ما زال يعيش في الذكريات التي لا يعرفها إلا أبناء عدن. كانت هناك معالم كثيرة وكنا لا نعرفها في طفولتنا ولكن كنا نعيش بجانبها وحين تقدم بنا السن عرفنا هذه المعالم والأماكن ، ومن الغريب والمحزن في الأمر إن بعض من هذه المعالم قد قاموا بطمسها عن جهل وأحيانا لمحو تاريخ عدن ، وعلى سبيل المثال أذكر تلك الصناديق الحديدية وفيها النقوش والكتابة باللغة الإنجليزية ولونها الأحمر المميز.. إنها صناديق بريد عدن حيث يضع الناس الخطابات وفي المساء تأتي سيارة البريد لتجمع البريد. وأذكر أحد هذه الصناديق الأنيقة كان بجانب شوكي عدن القديم على مدخل السوق الطويل والصندوق الآخر في شارع الإسبلانيد . تمنيت لو حافظوا على تلك الصناديق البريدية الأثرية.
قالت الحجة فطوم أصبر يا محمد با أعمر بوري أحمدي على ذكر مصنع الإمام أحمد للسجائر، وبا أجيب لك عواف خمير وباجيه وشاهي ملبن وبعدين حازيني على المصنع. يا حجة فطوم أذكر في حارة اليهود كان هناك مصنع صغير للسجائر ، وكنا حين نعود من المدرسة نمر في حارة اليهود و نقف بدهشة أمام تلك المكائن الصغيرة وهي تعبي السجائر والبعض يعبأ باليد وكان جميع عمال المصنع من اليهود ، وأذكر لم يكن هناك علب للسجائر ، كانت السجائر تُربط بخيط كل 10 حبات وتوضع في صندوق خشبي كبير ، ولم يكن لها ماركة أو أسم ، كانت تعرف بسجائر الإمام ، وترسل هذه السجائر إلى تعز ، و تباع بالحبة.كنت وصديقي في الطفولة والشباب غازي نجيب جعفر أمان نقف كل يوم أمام المصنع . رائحة التنباك رائعة من داخل المصنع وأيضا نرى العمال يعبوا السجائر وهم يغنوا، ولم نكن نعرف أين تذهب هذه السجائر .

يا حجة فطوم كانت السجائر في عدن بدون فلتر وتعبأ 10 حبات في علبة أنيقة - سجائر أبو جنية وسجائر أبو مقص وكنا في طفولتنا نجمع الباكتات لنلعب بها بطه.وكانت هناك سجائر حق الهنود والبانيان وهي رخيصة وقوية وتعبأ بنفس طريقة سجائر الإمام أحمد ، و تلف بورق الشجر – ويسميها الهنود سجائر " بيري " وهي سجائر الفقراء من الهنود وتأتي من الهند. وقد شاهدت هذه السجائر عام 1969 في شوارع دبي ويدخنها العمال الهنود.وقد أخبرني أحد العمال الهنود إنها صحية لأنها تلف بورق شجر خاص وليس الورق القرطاس. ضحكت الحجة فطوم وقالت لكنها قوية تولك الصدر سجائر إمامي. يا حجة فطوم في بداية 1950 وهو بداية الازدهار ودخلت السجائر الفخمة إلى عدن منها أول سيجارة بفلتر وكنا نسميها سجائر أو بوش ، كانت امريكية - سيجارة ريكس ثم بعدها لآكي سترايك ، وقبلها كانت أفخر سيجارة في عدن وهي سجائر البحرية البريطانية .. بلايرز و تعبأ بعلب معدنية فاخرة .. عبوة 50 حبة ، وكان أبناء عدن يذهبوا إلى مبارز القات وهم يحملوا تلك العلب الأنيقة. ويسموها في مصر "بحاري" وهي مشهورة ومتواجدة إلى اليوم.
يا حجة فطوم كان يوجد صومالي في التواهي أسمه "حاشي" وعنده دكان سجائر عند البجيشة حق التواهي ويبيع أفخر وكل سجائر العالم - السجائر الفاخرة عبوة 20 حبة بعلبة أنيقة وفلتر منها بنسون أند هديجس ، ثري فايف ، روثمان ، كنت ، كرافن أيه – أبو بسه ، سينير سرفيس ، أبو جمل الأمريكية ومتواجدة حتى اليوم ، وكنا نجمع هذه العلب ونلعب بها و شركات السجائر العالمية تتفنن في صنع العلب الأنيقة.
* الاستاذ محمد أحمد البيضاني كاتب عدني ومؤرخ سياسي القاهرة
ليست هناك تعليقات:
أكتب تعليقك ورأيك في الموضوع