Wednesday, March 19 2025

من ذكريات عدن : البورته العدنية .. والحجة فطوم





((عدن حرة)) عدن :
الاحد 2014-04-13 00:23:09




قلت للحجة فطوم لقد ذهبنا إلى أقاصي الأرض من مقاهي الدنمارك الساحرة في ليالي الشتاء والثلوج تسقط في ضوء القمر ، إلى جمال الليل في سنغافورا والحي الصيني الذي يحمل غموض الليل وإلى شواطئ سيدني في أستراليا أجمل وأنظف شواطئ في الدنيا ، ولكن تبقى عدن وليل عدن أروع مكان في العالم – عدن أمي وموطني ، هذه الجميلة التي تودع غروب الشمس وهي تغرب في ساحل أبين . في منتصف الخمسينيات جاء أهل الشام إلى عدن وبدء في فتح المطاعم الراقية التي تقدم الأكل الشامي ومنها المتبلات والمقبلات السورية واللبنانية في مطعم بالهم بيتش، جولدن شيكن، أرابيان نايتس ،برادرز، والروك هوتيل ، ولم نكن في عدن نعرف عن المقبلات الشامية. بدأت عدن الجميلة تخطو نحو عصرها الذهبي وأصبحت جوهرة الجزيرة العربية وتدفقت الأموال والبشر إلى عدن وتشكل مجتمع حضاري إنساني فريد من نوعه يضم كل الأجناس والأعراق والأديان كانت تعيش في محبة وسلام بغض النظر عن الدين أو اللون أو العرق . قالت الحجة فطوم أصبر يا محمد با اعمر ماي فرست بوري.



قالت الحجة فطوم اصبر يا محمد با اجيب لك مطبق ولوب وبعدين حازيني هذه المحزايه . قلت يا حجة فطوم كنت معتاد مع صديقي العظيم ضابط الجوازات عادل عبدالحميد جعفر أمان نتردد على مطعم "بالم بيتش" ويملكه لبناني في منطقة خورمكسر ، وكان إبنه صديقنا وذات ليلة أحضر لنا أحدى المقبلات الشامية تسمى "بابا غنوج" ولم نكن نعرفها - أعجب صديقي عادل "عدولي - بلبل" إعجاب شديد بهذا الطبق الرهيب . قال لي أخي عدولي من هذا غنوج .


حبكت معي النكته وقلت له يا عدولي هذا غنوج هو جد صاحب المطعم اللبناني . في الساعة 11 مساء خرجنا المطعم وصادف أن وجدنا صاحب المطعم عند الباب ، أقترب منه عدولي يصافحه وقال له بكل إحترام : " أشكرك وأشكر جدك غنوج ". نظر اللبناني مدير المطعم بدهشة إلى عدولي وقال مستغربآ : شو هادا مين قال لك إن جدي أسمه غنوج . صعق عدولي ونظر إلى بنظرة رهيبة .


خرجنا من المطعم وقال لي أيش من صفاط ومرفاله هذه أحرجتني أمام المدير اللبناني ومن بعد اليوم لن يحترمنا ولن يعطينا هذا الطبق المجاني الذي أنا أحبه ونحنا نتلاكع على جده ، يا محمد هذا مطعم لبناني فاخر مُش مطعم الفول و القلابه في حافتكم حافة القاضي خلي الصفاط والمرفاله .. أحرجتني .


احد بائعي الالعاب بعدن زمان



وقفت أمام سيارتي وأنا اضحك بشدة من غضب أخي عدولي وهو واقف أمام سيارته ثم أستدار نحوي وقال ضاحكآ يا محمد أشتي أعرف من ايش هذا بابا غنوج ، قلت له يا بلبل هذه " بورته " أي البورته العدنية ، نظر إلي ضاحكآ وقال بورته لبناني ، قلت له هذا الطبق اللبناني هو بادنجان مسلوقة تمزج بالحمص ويضاف زيت الزيتون . صاح بلبل ضاحكآ وقال لي بورته شامي ، قلت له نعم المسألة بادنجان .


ضحكت الحجة فطوم وقالت البورته أختفت من المطبخ العدني وسأشرح للجيل الجديد في عمل البورته العدنية وهي بادنجان وتدهن بزيت وتشوى على النار ، ثم يأخذ لُب البدنجان ويهرس ويضاف اليه البصل مُقطع قطع صغيرة جدآ وبسباس أخضر ثم يضاف قليل من الخل .. هذه هي البورته العدنية التي أختفت من السفرة العدنية.


قالت الحجة فطوم ايش تشتي سحور – قلت لها رز وصانونه مطفايه وبورته عدني ..


محمد أحمد البيضاني كاتب عدني ومؤرخ سياسي دمشق

ليست هناك تعليقات:

أكتب تعليقك ورأيك في الموضوع

يتم التشغيل بواسطة Blogger.