Thursday, March 13 2025

مصفاة عدن اُطفئت شعلتها .. والمملاح دُمرت طواحينه





عدن / عدن حرة / خاص :
الثلاثاء 2013-10-29 15:37:39


اعداد : خالد شفيق أمان


هناك العديد من المواقع والمعالم التاريخية والمنشآت والصروح الاقتصادية التي توجد في الجنوب وتحديداً في العاصمة عدن ، وقد تم الحديث من خلال عدد من التقارير التي نشرت على امتداد الفترة السابقة وعلى وجه الخصوص منذ العام 94م حتى يومنا هذا ، وهي الفترة التي شهدت تدهور اوضاع هذة المواقع والمنشآت بصورة ممنهجة وفي إطار مخطط يهدف الى تشويه الانجازات التي تحققت في الجنوب وطمسها ، وامتدت الايادي الفاسدة لتعبث بها ولازالت تسعى للإنقضاض على ماتبقى منها ، الا ان وقوف ابناء الجنوب وصمودهم حال دون الانقضاض عليها من قبل تلك القوى الحاقدة في نظام الاحتلال اليمني ، لكن القوى المتنفذة لازالت تتحين الفرص لتنفيذ مخططاتها ومؤامراتها على طمس الهوية الجنوبية والمعالم التاريخية والمنشآت الاقتصادية وتصادر البعض منها لتحويلها الى املاك خاصة ، تماماً كما يحدث منذ فترة في مصفاة عدن وفروع لها واراضيها ، وفي المملاح بأراضيه التي تصل الى الهكتارات ، وهو الذي يقع في ضواحي عدن الذي كان يطلق عليه مؤخراً ــ اي قبل العام 90م ــ بأراضي المؤسسة العامة للملح ، وتم تحويلها بقرار من الرئيس السابق "المخلوع" وبصورة غير قانونية الى املاك المؤسسة العسكرية التابعة له ، ولأعوانه من عصابات صنعاء ، وكذا الاراضي الواسعة التي تم الاستحواذ عليها باسم المنطقة الحرة بعدن ، كالشريط الساحلي الممتد من جولة كالتكس حتى جسر البريقة غرباً ، ومساحات اخرى في كل الاتجاهات شرقاً وشمالاً وجنوباً من العاصمة عدن ،

وهنا في هذا التقرير الذي تنشره صحيفة ( عدن حرة ) سنتطرق الى "مصفاة عدن" و "مملاح عدن" .


مـصـفــاة عــــدن


منذ ان انشأ المصفاة وافتتح العمل فيه رسمياً في العام 1954م من قبل شركة الزيت البريطانية المحدودة ( BP ) وحتى بعد ان آلت ملكيته في مايو 1977 الى الدولة "جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية" لم تنطفئ تلك الشعلة التي كانت رمزاً لهذا المصفاة ، بل ولمدينة البريقة ولعدن بشكل عام ، وقد ساد بين المواطنين ان انطفائها يعني توقف عجلة الانتاج في هذا الصرح الاقتصادي الضخم ، وان استمرار توهجها يعطي شهادة بكفاءة ادارتها والعاملين فيها ، الذين كانوا يعملوا على تشغيلها وفقاً لنظاماً دقيق يوضع من قبل خبراء محليين واجانب في مجال النفط وتكريره .

استمر العمل في المصفاة على هذا النحو المتميز الذي عرفت به منذ انشاءها حتى العام 1989م ، لتكون الفترة مابعد ذلك وحتى العام 93م فترة وصفها الكثيرون ممن عملوا في المصفاة بأنها فترة تراخي وانحسار وتراجع ودخول برامج واجراءات جديدة غير معلنة الهدف منها السيطرة عليها ومحاولة ثنيها وافشال تقدمها وتطويرها وتوسيعها ، او على اقل تقدير استمرارها بوضعها الحالي الذي كان متميزاً للغاية ، لكن تلك المحاولات باءت بالفشل في بداية الامر لأن العاملين في المصفاة وجميعهم كانوا من ابناء الجنوب وعملوا في هذة المصفاة وقبلهم اباءهم منذ انشاءها وقفوا سداً منيعاً ضد كل تلك المحاولات وعملوا بجد واخلاص للحفاظ على هذا الصرح الاقتصادي العظيم بكل الوسائل القانونية المتاحة ، وسعوا بكل حزم وحنكة وبدل مزيد من الجهود لإبقاء الشعلة متقدة ومتوهجة ..

جاء العام 1994م واجتاحت جحافل قوات الاحتلال اليمني العاصمة عدن ،وتعرضت المصفاة بعد ذلك وحتى يومنا هذا لأبشع انواع الاعمال التخريبية الممنهجة ، بدءاً بالعبث بالجوانب التنظيمية والادارية والفنية التي اثرت سلباً على مستوى الاداء والتشغيل ، وافتقدت الادارة الى تلك البرامج الخاصة بالصيانة والتي اهملت بشكل متعمد ، وتراجعت مستويات الانتاج ، وتناقصت الات التشغيل والمعدات وقطع الغيار والمواد المختبرية ، وافتقدت المصفاة مؤخراً للكفاءات الادارية والفنية في كل الاقسام ، وتفاقمت المشكلات فيما بين الادارة والعاملين ، وبدء مؤشر العجز المالي للمصفاة يدق ناقوس الخطر ، فخفث وهج الشعلة رويداً رويداً حتى انطفأت كلياً لفترة تصل الى عام كامل وذلك في عام 2011م ، العام الذي شهدت فيه المصفاة " اعوجاجاً " في قيادته لازال يعصف بهذة المنشأة حتى يومنا هذا ، ماجعل بالعاملين فيها يطلقون بصورة جماعية نداءات استغاثة لإنقاذ ماتبقى من هذا الصرح الاقتصادي العظيم الذي ينهار يوما بعد يوم في ظل الفساد الاداري والمالي المستفحل فيه والاسرع في التدخل وحل مشاكل المصفاة وإنقاذها من سرطان الفساد والاهمال الذي يفتك بها يوميا.


المــمــلاح


هي كلمة عامية اطلقها اهالي عدن على احواض الملح الواسعة التي تقع في ضواحي المدينة وتبلغ مساحتها 945 هكتار وهي المساحة الاجمالية لأراضي الاحواض والمسطحات المائية ، وقد اشتهر المملاح بوجود عدد من مايسمى بطواحين الهواء ، وهي مراوح ضخمة تدور على محور في وسطها مثبت بمنى حجري ضخم بشكل هندسي فريد ذو رأس اشبه بنصف الكرة وقاعدة دائرية .تمتد اراضي المملاح على مساحة واسعة منبسطة ومفتوحة من الجهة الشمالية الشرقية لعدن ، وتتميز تلك المنطقة بمرور تيارات هواء بصورة مستمرة ، مايجعل مراوح الطواحين تدور ، وتدور معها دواليب داخل المبنى الحجري تسمح بمرور مياه البحر الى الاحواض .


في عام 1886م قامت شركة ايطالية لإستخراج الملح بالبدء في صناعة الملح ، وذلك من خلال دخول مياه البحر الى احواض الملح عبر قنوات وجسور صغيرة تفصل البحر عن بقية المساحات الجافة بمحاذاته والتي تم تهيئتها لتكون احواضاً لدخول مياه البحر اليها تم تجفيفها بعد ذلك بواسطة طواحين الهواء ، بعد ان يتم اغلاق التوافذ يدوياً من قبل عمال متخصصين في الشركة .


توسع العمل في صناعة الملح وتم تطوير ادوات العمل المستخدمة نسبياً وذلك بعد ان بدأت الشركة الهندية العدنية في العام 1909م بالعمل في الموقع لتوفر اهم العوامل والشروط لإقامتها وبمستويات تفوق بكثير ماتتمتع به الملاحات المماثلة في البلدان المطلة على المحيط الهندي ، وازدهرت وتوسعت لتحتل مساحات واسعة من اراضي مثمرة انذاك ، حيث كانت توجد ثلاثة ملاحات وهي ( بريقة / فارسي ، كالتكس ، خورمكسر ) ، وفي عام 1970 انشئت المؤسسة العامة للملح بموجب القانون رقم (4) وللقرار الجمهوري رقم (11) لعام 1970م ، واصبحت المؤسسة بموجبها مالكة لكل حقول الملح العاملة او المتوقفة في عدن ، وكانت الملاحات في عدن اساسً مملوكة لشركات أجنبية الا من بعض المحاجر الصغيرة التي كانت مملوكة بعض الافراد او العائلات .


قامت الدولة والمؤسسة خلال الفترة 73م ــ 1987م ببذل جهود كبيرة لتطوير هذة الصناعة الاستخراجية من خلال عدة مشاريع تطويرية وتحديث واحلال لأصولها نوجزها بالتالي : بالتالي :


1) مشروع التطوير بالتعاون مع الحكومة الصينية : تم تنفيذ هذا المشروع بموجب اتفاقية التعاون الفني والعلمي مع جمهورية الصين الشعبية خلال الفترة مابين 73م ــ 1976م وبكلفة إجمالية ( 463048 ديناراً ) تم من خلاله اعادة تخطيط ملاحات خورمكسر وبناء قنوات المياة وتركيب مضخات وتوريد الات حصاد وطحن وبناء مباني لإدارة الانتاج والمطحن والصيانة وغيره .


2) مشروع تحديث اصول المؤسسة : تم تنفيذ المشروع المذكور اعلاه خلال الفترة مابين 82م ــ 1986م وتم تمويله بقرض مصرفي وصل اجمال الانفاق فيه نحو ( 815656 ديناراً ) تم من خلاله العمل على ادخال عدد من الالات والمعدات الحديثة لصناعة الملح .


3) مشروع التطوير بالتعاون مع الحكومة البلغارية خلال الفترة مابين 85م ــ 1987م وبقرض حكومي وبتكلفة اجمالية قدرها (4.072.567 دولار ) .


ومنذ العام 1990م كانت المؤسسة العامة للملح بأراضيها الواسعة تحت اطماع المتنفذين في نظام الاحتلال اليمني بل وكانت حلماً يراودهم للإستيلاء عليها ، وكان لهم ذلك بعد حرب صيف 94م أي بعد احتلال الجنوب من قبل قواتهم الغازية ، ونهب ثرواته واراضيه ، حيث تم تحويل المؤسسة العامة للملح لتكون تابعة للمؤسسة الاقتصادية العسكرية بقرار من الرئيس "المخلوع" وبصورة غير قانونية وبقرار فردي ،


ومنذ تلك الفترة تم العمل على تدمير هذة المؤسسة بشكل متعمد ، وبدأ مسلسل الفيد والسلب والنهب لأراضيها الواسعة وصرفها للمتنفذين عسكريين ومدنيين التابعين لنظام الاحتلال اليمني ، غير عابئين بهذا الصرح الاقتصادي والمعلم التاريخي الذي تشتهر به عدن منذ القدم ، ولازالت اعمال السلب والبسط لأراضي المملاح مستمرة حتى يومنا هذا .


وهكذا انطفئت شعلة المصفاة ودُمرت طواحين المملاح وما بين الشعلة غرباً والطواحين شرقاً خزائن واموال سلبت واراضي وممتلكات نهبت ومواقع تاريخية ومنشآت اقتصادية طمست .





ليست هناك تعليقات:

أكتب تعليقك ورأيك في الموضوع

يتم التشغيل بواسطة Blogger.